تربية الإبل بإدلب..مهنة جلبها مهجرون وتواجه تحديات في بيئة مختلفة
رغم افتقاره للمراعي ذات المساحات الشاسعة، وصلت تربية الإبل إلى الشمال السوري، مترافقة مع موجات النزوح المتكررة من مختلف المحافظات السورية، ليواجه مربوها تحديات متعلقة باختلاف المناخ والبيئات اللازمة لرعي الإبل.
ورغم اعتبار تربية الإبل حديثة نوعاً ما على تلك المناطق، حافظ بعض المربين النازحين إلى الشمال على مهنتهم التي حملوها من مناطقهم المختلفة، خاصة حماة وحمص وريف دمشق، حيث تحدوا الظروف من أجل تأسيس مهنة تضمن لهم ولذويهم حياة كريمة، حتى باتت محلات بيع لحوم الإبل رائجة ومقبولة لدى شريحة من السكان.
ظروف جديدة تفرضها بيئة النزوح
يقول المربي أحمد أبو الشيخ، إن انتشار تربية الإبل في مناطق شمال غربي سورية، سببه سعي المربين للحفاظ على مهنتهم، والكسب المادي عبر الاستفادة من لحومها، مشيراً في حديثه لـ”السورية نت”، أنه لا سلالات معينة من الإبل تتم تربيتها.
ويوضح أبو الشيخ الذ يقيم شمالي إدلب، أن الطلب يزداد على الإبل في موسم عيد الأضحى بشكل خاص، مشيراً إلى أن العام الفائت شهد حركة بيع وشراء أفضل من العام الحالي، نتيجة ارتفاع أسعار العلف والأدوية حالياً.
وعادةً، تتغذى الإبل في البادية الصحراوية على نبات الرمثا والأعشاب الشوكية وقلما تحتاج للأعلاف، أما اليوم وبحسب المربي إبراهيم الديري، يتم تقديم مختلف أنواع الأعلاف لها ويتم رعيها بين أشجار الزيتون، ما زاد من الأعباء المادية التي يتكبدها المربون، خاصة أن الرأس الواحد منها يحتاج يومياً بشكل وسطي إلى 10 كيلو جرام من العلف.
وأضاف الديري في حديثه لـ”السورية نت”، أنه مع مربين آخرين “نقوم أثناء الرعي بربط أحد رؤوس الإبل الكبيرة في الرسن ونترك الباقي دون ربط، حيث تأتلف صاحبها”، مشيراً إلى أن تربية الجمل والناقة أسهل من تربية الأغنام والأبقار، كونها لا تحتاج كثيراً من العناء لدفعها للتحرك “بل على العكس تحتاج إلى المعاملة بهدوء وسياسة” حسب تعبيره.
وتعتبر تربية الإبل في سورية مهنة تراثية بالنسبة لسكان البادية خصوصاً، وتركزت تربيتها قبل عام 2011، في مناطق التنف وبعض أرياف دير الزور وحماة ودرعا، وهي مناطق صحراوية ملائمة للإبل وتضم مساحات رعي شاسعة.
لحوم الإبل.. إقبال خجول من سكان الشمال
تصل الإبل إلى الشمال السوري من البادية السورية عبر منطقة الباب شمال شرقي حلب، بحسب أبو الفوز، أحد باعة لحم الإبل في منطقة الدانا شمال إدلب.
ويضيف أبو الفوز في حديثه لـ”السورية نت”، أن المربين يقوموا “بعلف الإبل وتسمينها في الغالب للاستفادة من لحمها سواء في أوقات عيد الأضحى أو في الأيام العادية”، لافتاً إلى أن أسعارها ارتفعت مقارنة بالعام الفائت الذي كان يباع فيه الكيلو من لحم الإبل بـ 40 ليرة تركية، أما اليوم يباع الكيلو الواحد بأكثر من 65 ليرة.
وتابع:”نشتري الكيلو وهو حي بـ 22 ليرة تركية، وتصل تكلفته جاهزاً للبيع إلى 55 ليرة ونبيعه بـ 65 ليرة، ونقدمه لحماً نيئاً أو مشوياً أو لحماً بالصينية أو لحماً على العجين أو في سيخ شاورما”.
“معظم سكان الشمال لا يزالوا يفضلون تناول لحم الخروف، الذي يباع بأكثر من 60 ليرة للكيلو الواحد، في حين يتناولون لحوم الإبل بعض الأحيان باعتبارها سنة نبوية، وكونها تحوي دهون أقل من باقي اللحوم”، بقول أبو الفوز.
وكانت أشهر أسواق الإبل السورية، في مدينة دوما بغوطة دمشق وحماة والمناطق الشرقية للبلاد.
كم تبلغ خسائر الإبل في سورية؟
يشير محمود الفندي، وهو مهتم بتربية الخيول والإبل، أن الاهتمام بتربية الإبل والخيل في الشمال السوري بدأ حديثاً، نتيجة تهجير عدد كبير من المربين ومن أبناء العشائر والبادية إلى الشمال.
ويشير إلى أن بعض أبناء العشائر والبادية يعتبرون تربية الإبل من أساسيات حياتهم، معتبراً أن “أعدادها لا تتجاوز 200 رأس” في محافظة إدلب.
فيما تشير أرقام منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو)، إلى أن قيمة الأضرار والخسائر التي تعرّض لها قطاع تربية المواشي في سورية، ومن بينها قطاع الإبل، بلغ عتبة الـ 5.5 مليار دولار، حتى عام 2018.
ووفق دراسة مشتركة للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي العربية (أكساد)، مع وزارة الزراعة في حكومة النظام، فقد تناقصت أعداد الإبل في سورية في العقد الأخير إلى النصف بعدما كانت تتجاوز 50 ألف رأس عام 2010.