تصدعات الزلزال..”كابوس” يلاحق العائلات ويرهق الاستجابة الإنسانية (صور)
“والله ما منعرف لوين نهرب وقت يصير هزة أرضية.. إذا هربنا مغرب رح يقع علينا البيت وإذا هربنا مشرق رح يقع بيت الدرج”، تقول السيدة ابتسام غنام، واصفةً مخاوفها ومخاوف عائلتها من التصدعات والشقوق التي أصابت منزلها عقب زلزال شباط المدمر.
ومنذ وقوع الزلزال، تعيش ابتسام “بقلقٍ” مع عائلتها في منزلهم بقرية “عزمارين” في ريف إدلب الغربي، بسبب شقوق وتصدعات ضربت جدران منزلها والأعمدة، حيث اضطرت عقب الزلزال إلى نصب خيام قرب المنزل تلجأ إليها عند وقوع الهزات الأرضية الارتدادية.
تقطن ابتسام مع ابنتها وأحفادها في المنزل، وتلقي نظرات باستمرار على الشقوق التي تبعث فيها القلق ومخاوف الانهيار المفاجئ عند وقوع هزة ارتدادية، وتقول: “ما عندي قدرة استأجر ولا اطلع من البيت على بيت تاني”.
توضح ابتسام في حديثٍ لـ”السورية.نت” أنها لجأت خلال أشهر الصيف إلى خيام نصبتها قرب منزلها، لكن مع دخول الشتاء وجدت صعوبة في تحمل ظروف الإقامة في الخيمة، الأمر الذي اضطرها للعودة إلى منزلها المتصدّع.
وتضيف: “أراضي الخيام طافت، وغطتها الوحول والأطيان، فضلاً عن أن الخدمات غائبة في المخيم الصغير”.
وحول غياب المساندة الإنسانية، أشارت إلى أن “تكلفة ترميم منزلي أعلى من المبالغ التي رصدتها المنظمات لعمليات الترميم لكل بيت، ولذلك لم أتلقَ استجابة”.
وتتركز الاستجابة الإنسانية على المنازل المصنفة ضمن الحالات المتوسطة والخفيفة، أما الأضرار الجسيمة فلم ترقَ المشاريع الإنسانية للاستجابة إليها بعد.
“الشقوق تتوسع”
لم تتبدد المخاوف لدى سامية عبد الحي، المقيمة في بلدة كفريحمول شمالي إدلب، مع مرور الوقت، كما تقول، خاصة أن تشققات منزلها تتزايد يوماً بعد يوم.
وضربت التصدعات الجدار الغربي لمنزل السيدة سامية، وهو منزل العائلة القديم الذي تقطنه منذ أكثر من 50 عاماً، وكذلك مدخل المنزل، والجدار الذي يفصلهم مع جيرانهم.
تقول سامية لـ”السورية.نت”: “الجدار الذي يفصلنا مع جيراننا انهار ليلة الزلزال، كنا بعيدين عنه لذلك لم نصب بأذى، لكن أشعر كل يوم أن باقي الجدران ستسقط فوق رؤوسنا”.
وتضيف: “أحد الشقوق، نكاد نستطيع أن نتكلم من خلاله بين الغرفة والتي تجاورها لشدة توسّعه، ومع كل هزة أرضية أحمل أحفادي وأتوجه إلى منازل أبنائي حتى نتخلص من القلق وأرجع على بيتي”.
تعيش سامية مع أربعة من أحفادها أيضاً، وهو ما يزيد قلقها، وتقول بهذا الصدد: “بخاف يا ابني يقع الحيط على الأولاد شو ذنبهم، وقت بصير رعد منطلع فوراً من البيت”.
وتوضح أنها استدانت مبلغ 400 دولار من أجل بناء جدار منزلها الذي انهار جراء الزلزال، لكن لم يعد لديها القدرة على إتمام عملية الترميم.
رحلة تشرد
تقضي علياء الشيخ دبس، وهي أم لطفلين، أسبوعاً في منزل عائلتها وأسبوعاً في بيت عائلة زوجها، بعد أن اضطرت إلى ترك منزلها المتضرر بالزلزال.
تقول علياء في حديث لـ”السورية.نت”: “بيتي مصنف إخلاء وغير قابل للسكن، أضطر إلى التنقل هنا وهناك، حاولت الإقامة بالمخيم لكن طفنا بالطين والوحل”.
وتضيف: “حتى المدرسة تركوها الأولاد من كثرة التنقل من بيت لبيت وغياب الاستقرار”.
تتطلع علياء إلى إعادة ترميم منزلها من قبل منظمة إنسانية أو أية جهة، حتى تعيد استقرار عائلتها بعيداً عن رحلة التشرد التي تعيشها منذ وقوع الزلزال.
كيف يبدو حجم الضرر؟
في إحصائية لفريق “منسقو استجابة سوريا”، يبلغ عدد المباني الآمنة والتي تحتاج صيانة حوالي 23 ألفاً، والمباني غير الآمنة وغير القابلة للتدعيم حوالي 5 آلاف و344 مبنى، وهي ذات أضرار جسيمة وتحتاج إلى هدم بشكل عاجل.
أما المباني التي تحتاج إلى تدعيم لتصبح آمنة للعودة، بلغ عددها 14 ألفاً و844 مبنى، وهي ذات أضرار متوسطة.
وإثر ذلك، سجل الفريق نزوح أكثر من 48 ألفاً و122 عائلة، بتعداد تجاوز 311 ألف نسمة، بينما بلغت أعداد الأسر المتضررة حوالي مليون و800 ألف نسمة في منطقة شمال غرب سورية.
فيما أشارت الإحصائية إلى أن أكثر من 51 ألفاً من النازحين يقطنون في مراكز ومخيمات الإيواء، بسبب الأضرار في منازلهم وعدم القدرة على العودة إليها بعد عام من وقوع الزلزال.
منظمات تستجيب
وعلى الرغم من أن الاستجابة الإنسانية منذ وقوع كارثة الزلزال لم تتجاوز الـ 47% لمختلف القطاعات الإنسانية، بحسب “منسقو الاستجابة”، إلا أن منظمات العمل الإنساني مستمرة في استقطاب المنح الدولية وتنفيذ مشاريع إنسانية ضمن استجابتها لـ”كارثة الزلزال”.
وكان “المنتدى السوري” من بين تلك المؤسسات التي استجابت لكارثة الزلزال في منطقة شمال غرب سورية، حيث نفّذ عدداً من المشاريع الإنسانية، التي تنوّعت بين تخديم مراكز ومخيمات الإيواء وترميم المدارس والمنازل، واستطاع الوصول إلى أكثر من 150 ألف مستفيد من متضرري الزلزال.
وبهذا الصدد، يوضح بكور الحسين، منسق البرامج في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” (مكتب إدلب)، وهي إحدى مؤسسات “المنتدى السوري”، أن “المنظمة أطلقت مشروعاً لترميم المنازل المتضررة بالزلزال ضمن الدرجتين الخفيفة والمتوسطة، في كل من ريفي حلب وإدلب”.
وشملت أعمال الترميم التي أطلقها “المنتدى السوري”، أكثر من 1286 منزلاً في ريفي إدلب وحلب، فيما تنوّعت أعمال الترميم والمستحقات المالية التي تم رصدها لكل بيت بحسب الحاجة وتقديرات الفرق الفنية.
وعمل “المنتدى السوري” على ترميم المنازل، وفق منحتين، الأولى 1500 دولار لكل منزل، ومنحة ثانية بقيمة 800 دولار، تم توزيعها حسب احتياج المنزل المرمم.
فيما توزعت مناطق العمل على مدن وبلدات “أرمناز وجسر الشغور وعزمارين وكوارو وبيرة أرمناز وكبته” في ريف إدلب، ومدن “الباب وعفرين وجنديرس” بريف حلب.
ويشير الحسين في حديثه لـ”السورية.نت” إلى أن “أعمال الترميم شملت إصلاحات الهيكل والأساس، والأعمال البنائية الداخلية، وتجديد الجدران الداخلية وتغيير الأرضيات، وتجديد السقوف وتحسين العزل الحراري وأعمال السباكة والكهرباء، وإصلاح أنظمة السباكة القديمة أو استبدالها، وتركيب نوافذ وأبواب وترميم المرافق الصحية بالمنزل وترميم وتجديد المطابخ والحمامات”.
معايير الاختيار والتفضيل
من جهته، يتحدث مصطفى شاكر، منسق البرامج في منظمة “إحسان” (مكتب اعزاز)، لـ”السورية.نت” عن المعايير المتبعة في اختيار المستفيدين من هذه المشاريع.
أبرزها: “أن يكون المأوى قد تضرر بسبب الزلزال، ويلبي الحد الأدنى من متطلبات المأوى الآمن وفقاً لإرشادات مجموعة المأوى (الكلاستر)، وألا يكون للأسرة منزل آخر للسكن، ولم تتلقَ خدمة مماثلة بعد حدوث الزلزال، إلى جانب استقرار الأسرة في المأوى الحالي قبل وبعد إكمال أعمال الترميم، وألا يشكل المأوى أي خطر على السكان أو يعرضهم للخطر بعد التدخل”.
وحول معايير التفضيل المعتمدة في اختيار المستفيدين، يقول شاكر إنها تشمل “الأسر التي لديها أفراد باحتياجات خاصة، ذوي الإعاقة وكبار السن والمعاقين حركياً، وكذلك الأسر التي تعيلها النساء أو المسنين أو أطفال، والتي لم تتلقَ مساعدة سابقة للمأوى، والأسر التي لديها أكثر من طفلين دون سن 5 سنوات، والمكونة من أكثر من 6 أفراد، وليس لها دخل ثابت”.