برزت خلال الأيام الماضية عدة مؤشرات، تظهر جلياً زيادة التحرك ضد التواجد الإيراني في سورية، سواء من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، ما قد يرسم ملامح المشهد السوري المقبل الذي تتسارع فيها التطورات والأحداث.
وخلال السنوات الماضية، كانت إيران لاعباً أساسياً في الملف السوري في مختلف الأصعدة، إن كان سياساً عبر دخولها في محادثات أستانة إلى جانب روسيا وتركيا، أو اقتصادياً عبر توقيعها عقود مع حكومة الأسد في مختلف القطاعات كفاتورة لها عن دعمها.
لكن الدور الأساسي الذي لعبته إيران، كان عسكرياً عبر إرسالها مقاتلين من جنسيات مختلفة إلى سورية وتدريبها ومدها بالسلاح والمال، لتتحول القوات إلى ميليشيات إيرانية لها نفوذ واسع في عدد من المناطق، قاتلت إلى جانب قوات الأسد على كامل الجغرافية السورية، إلى جانب إقامة قواعد عسكرية ومصانع للأسلحة.
ولأن إيران قد تكون حجر عثرة في وجه أي حل سياسي مستقبلي في سورية، يتم طبخه في أروقة السياسيين، متوافق عليه من الأطراف الأساسية اللاعبة في سورية، تكون إيران خارجه، فكان لابد من زيادة التحرك ضدها خلال الآونة الأخيرة، ومن هذه التحركات:
الطيران الإسرائيلي لا يهدأ
منذ مطلع العام الحالي زادت إسرائيل من ضرباتها الجوية، ضد مناطق عسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، يكثر فيها التواجد الإيراني بشكل أو بآخر.
وعلى الرغم من عدم اعتراف تل أبيب بشكل رسمي بهذه الضربات، إلا أن التصريحات الصادرة من مسؤولين إسرائيليين بلجم إيران في سورية، إشارة واضحة بالوقوف ورائها، إلى جانب إعلان نظام الأسد مراراً عن تصديه لـ”عدوان إسرائيلي” دون الإفصاح عن الأماكن الحقيقة والخسائر.
ومنذ أسبوعين حتى، اليوم الأربعاء، شنت إسرائيل أربع هجمات، الأولى في 27 أبريل/نيسان الماضي، عندما استهدفت طائرات إسرائيلية محيط منطقة السيدة زينب، في محيط دمشق، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، بحسب “سانا”.
وبعد ثلاثة أيام، وفي الأول منمايو/ أيار الحالي، قصفت طائرات إسرائيلية مواقع لنظام الأسد، في ريف درعا الغربي جنوبي سورية على الحدود السورية مع الاحتلال الإسرائيلي.
بينما تعرضت مواقع عسكرية لنظام الأسد في محافظة حمص، لقصف إسرائيلي، في 2 مايو/أيار الحالي، ما أدى إلى انفجارات ضخمة في مستودعات للأسلحة، بحسب الرواية الرسمية لنظام الأسد.
أما القصف الأخير كان، الاثنين الماضي، عندما أعلن نظام الأسد تعرض مركز البحوث العلمية في محيط مدينة حلب لقصف إسرائيلي، لكن هذه المرة كانت الطائران قادمة من شمال شرق سورية، لأول مرة في تطور لافت على زيادة دائرة القصف.
تهديد ووعيد إسرائيلي
وتزامن التصعيد العسكري في زيادة التهديدات الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني، عبر وزير الدفاع، نفتالي بينيت، الذي هدد إيران بمواصلة العمليات العسكرية ضدها حتى “يغادروا سورية”.
وقال بينيت في مقابلة مع قناة “كان11” التلفزيونية الإسرائيلية: إن “إيران لا شأن لها في سورية، ولن نتوقف قبل أن يغادروا سورية”.
وأضاف أن “إيران أصبحت عبئاً، في السابق كانت مصدر قوة للسوريين، فقد ساعدوا الأسد ضد داعش، لكنهم أصبحوا عبئاً”.
وأكد الوزير الإسرائيلي أن طهران دخلت سورية، منذ 2011، وتسعى إلى “ترسيخ مكان لها على الحدود الاسرائيلية من أجل تهديد مدن مثل تل أبيب والقدس وحيفا”.
كما نقلت صحيفتا “معاريف” و”يديعوت أحرنوت” عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: إنه “للمرة الأولى منذ تدخل إيران في سورية، فإنها تقوم بخفض عدد قواتها وتخلي قواعدها”.
وأضاف المسؤول أن “سورية تدفع ثمناً متزايداً، بسبب تزايد الوجود الإيراني على أراضيها، وفي حرب هي ليست لها. تحولت إيران عبئاً على كاهل سورية. ستزيد إسرائيل الضغط على إيران حتى تغادر سورية”.
أمريكا تدخل خط طرد إيران
أما الولايات المتحدة الأمريكية، التي تخوض صراعاً مغايراً مع إيران، سواء في مياه الخليج العربي والتحرش الأخير بالسفن الأمريكية من قبل إيران، إلى جانب تأكيد العقوبات الاقتصادية ضدها، لم تكن بعيدة عما يجري داخل الحدود السورية، وخاصة فيما يتعلق بطرد إيران من قبل الحليف الإسرائيلي.
وفي آخر تعليق حول طرد إيران، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في مؤتمر صحفي، اليوم، أن الإيرانيين يجب أن يغادروا سورية، وليس جنوبها فقط، في إشارة إلى درعا البلد.
وقال بومبيو، إن أمريكا أخبرت روسيا ونظام الأسد أن على الإيرانيين أن يرحلوا، وعلى إيران أن تهتم بشعبها داخل حدودها.
وصعد بومبيو من لهجته ضد النظام الإيراني، وقال إنه” يواصل النظام الإيراني دعم الإرهاب. يدعي النظام أن ليس لديه ما يكفي من المال لرعاية شعبه، مطالباً بتخفيف العقوبات، بينما نعلم أنهم يستغلون الثروة التي يمتلكونها بالفعل وينفقونها على الإرهاب”.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية “قناة مكان”، فإن اتصالات تجري بهدف زيارة بومبيو لإسرائيل الأسبوع المقبل، في إشارة إلى زيادة التشاورات لطرد إيران من سورية.