قبل يومين، نشر موقع “التقرير السوري” الاقتصادي أن مستثمرين سوريين، بعضهم على صلة بأسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري، أسسوا شركة ستستحوذ على ثالث رخصة خليوي في سوريا، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2001، أي قبل عشرين عاماً.
الشركة اسمها “وفا تيليكوم”، وهي وفقاً لتلفزيون سوريا، تضم شركات عدة (مُؤسسة) وهي: “ABC l.l.c” و”IBC advanced”، و”IBC technology”، و”IBC telecom”، و”tele space”، و”tell you”، ومقرها جميعاً في دمشق.
وأسماء سبق أن دخلت مجال الاتصالات في سوريا، في أعقاب النزاع بين زوجها الرئيس السوري ورامي مخلوف، والمحاولات الجارية لتقويض نفوذ الأخير. حينها تردد أن أسماء تقف وراء النزاع العلني. ذاك أن “محكمة القضاء الإداري الدائرة الرابعة بدمشق” أصدرت قراراً في شباط (فبراير) الماضي فرضت بموجبه الحراسة القضائية على شركة “MTN سوريا” للاتصالات، وهي المشغل الثاني للخلوي بعد شركة “سيرياتل”. كان لافتاً حينها أن القرار المنشور من “مجلس الدولة في سوريا” سمى شركة “تيلي انفست ليمتد” ممثلة برئيس مجلس إدارتها حارساً قضائياً لهذه المهمة بأجر شهري قدره عشرة ملايين ليرة سورية (2700 دولار أميركي وفق سعر الصرف الموازي). الشركة مملوكة لمحسوبين على أسماء الأسد، وبالتالي ستصير الأخيرة خليفة رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، في مجال الاتصالات.
طبعاً، هذا الكلام يُعزز النظرية القائلة إن أسماء باتت صاحبة نفوذ واسع في الاقتصاد والسياسة أيضاً، إذ تبني امبراطورية اقتصادية لا بد أن تُمثل عاملاً مساعداً لحافظ بشار الأسد حين يتولى مقاليد الحكم خلفاً لوالده. في حال واجه حافظ الصغير انتفاضة شعبية، لن يكون عليه أن يتصل بابن خاله للحصول على الدعم بشكل مشروط ومتقطع، بل بإمكانه طلب المليارات في اتصال مع الماما مباشرة.
صحيح أن أسماء تدخل في المجال الاقتصادي مباشرة، وتبني نفوذاً خاصاً بها، من دون الاعتماد على أبناء أشقائها، كما فعلت أنيسة مخلوف. لكن لهذا النفوذ محاذير كثيرة في نظام كهذا، سيما مع شخصية من نوع أسماء، لجهة خلفيتها الاجتماعية وبيئتها غير السورية.
من الواضح أن نفوذ أسماء بدأ يظهر الى العلن بعد وفاة أنيسة مخلوف مطلع عام 2016، ما يعني أن غياب الوالدة الجامعة للعائلة، فتح المجال أمام هذا النمو “غير الطبيعي”. بيد أن أنيسة كانت مؤثرة على مواقع النفوذ المختلفة في العائلة، وأبناء أشقائها فيهم رجل أعمال مثل رامي، وأيضاً قادة أمن كحافظ مخلوف مثلاً. كما تضم العائلة أيضاً أصحاب نفوذ لا يخلون من الطموح والنفوذ في العسكر والأمن مثل قائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد. هل يقبل ماهر بهذا القدر من النفوذ؟ بالتأكيد لا، سيما أن للرجل طموحاً اقتصادياً ومالياً وسياسياً أيضاً.
ولا تملك أسماء كما يبدو، وعياً كاملاً لطبيعة النظام، على مستويي العائلة والطائفة أيضاً. إقدام إحدى جمعيات أسماء على اصدار هويات خارج مؤسسات الدولة للمتضررين من حرائق اللاذقية، كان لافتاً لجهة تجاوزها التوازنات الداخلية. هل تقبل عائلة الأسد بهذا النفوذ على حساب آل مخلوف؟ حتى إن أسماء في محاولتها الاستحواذ على القليل المنتج في الاقتصاد السوري، تُزاحم إيران وربما روسيا أيضاً. ولمثل هذه الخطوات، تبعات في الأمن والسياسة.
وأسماء فيها من سمات أبناء وبنات العائلات الثرية، أي أنها ترغب في اقتناء اللوحات والأحذية الباهظة الثمن، وهو ما كان واضحاً في رسائلها الالكترونية المسربة. ومثل هذا الشره للانفاق عبء على صاحبه، إذ يُغيّب المنطق والحسابات الداخلية، ويفتح الباب أمام نشوء عداوات وأحقاد عائلية.
وفي الطائفة أيضاً، ستُواجه أسماء صعوبات، إذ باتت سوريا، بعد الحرب وعمليات التطهير الطائفي فيها، أكثر علوية مما كانت قبل 10 سنوات. هل تتسع سوريا “المفيدة” الخارجة من حرب وحشية، لنفوذ سيدة من أصول حمصية ترعرعت في غرب لندن؟ الأرجح لا.
خلال سنوات قليلة، قد يجد بشار الأسد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما احتواء دور زوجته في الاقتصاد والسياسة قبل فوات الأوان، أو مواجهة تحد جديد من داخل العائلة والطائفة يُضاف الى متاعبه الكثيرة.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت