دراسة قانونية مُعمقة: 4 أسس تضمن تدفق “المساعدات عبر الحدود” لملايين السكان
أول تحليل قانوني من نوعه بجهود مؤسسات سورية مختصة بالشأن القانوني والإنساني
تحت عنوان “2014 ليست 2022″، صدرت حديثاً دراسة حقوقية مُعمقة، بحثت الأطر القانونية، التي تتيح للأمم المتحدة وشركائها، مواصلة إرسال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية، في حال تمت عرقلة قرار مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.
وصدرت الدراسة عن مؤسسة “غورنيكا 37” الحقوقية أمس، بتفويض من “التحالف الإغاثي الأمريكي من أجل سورية” (ARCS)، الذي يضم إلى جانب “المنتدى السوري”، 10 مؤسسات تنشط بالشأن الإنساني.
وتُعتبر الدراسة أول تحليل قانوني من نوعه، بجهود مؤسسات وجهات سورية مختصة بالشأن القانوني والإنساني، وبمراجعة خبراء قانونيون، وتأتي ضمن جهودٍ ساعية لضمان استمرار تدفق المساعدات لنحو 4 ملايين إنسان في شمال غربي سورية.
أربعة أطر قانونية
باعتبارها “مسألة حياة أو موت” لملايين السكان، قدّمت الدراسة مجموعة من الحجج القانونية لتقليص مساحة تسييس ملف المساعدات الإنسانية في سورية، وبالتالي توفير شريان حياة مستقر لملايين المحتاجين.
ومن خلال دراسة السياق الحالي للأوضاع في سورية، والإطار التشغيلي للأمم المتحدة، قدّمت الدراسة 4 أسس قانونية لاستمرار المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، بتنسيق الأمم المتحدة في سورية.
الإطار القانوني الأول، جاء فيه أن المساعدات العابرة للحدود قانونية بموجب أحكام المعاهدات التي تحكم الصراع السوري، ضمن القانون الدولي العرفي، الذي صادقت عليه سورية.
وتسمح تلك الأحكام بإمكانية “تقديم المساعدة الإنسانية المحايدة لجميع أطراف النزاع، بما في ذلك الأطراف الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية”.
أما الإطار الثاني، فقد جاء فيه أن إيصال المساعدات العابرة للحدود قانوني بموجب القانون الدولي العام، حيث أكدت محكمة العدل الدولية أن العمليات الإنسانية المحايدة، لا تنتهك أبداً مبادئ السيادة وسلامة الأراضي.
وجاء في الإطار القانوني الثالث، أنه “حتى لو كانت المساعدة الإنسانية العابرة للحدود غير قانونية للوهلة الأولى، فإنها تظل مبررة للدول ووكالات الأمم المتحدة في ظل الظروف النافية للخطأ”.
وبحسب الإطار القانوني الرابع، يمكن للمنظمات غير الحكومية، الاستمرار بإيصال المساعدات العابرة للحدود، بموجب قواعد القانون الدولي العام، ويجوز للدول ووكالات الأمم المتحدة تقديم المساعدة غير المباشرة لتلك المنظمات من أجل القيام بذلك.
تدخل “مفهوم” عام 2014
وفي عام 2014، قرر مجلس الأمن الدولي، إيصال المساعدات العابرة للحدود إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، دون الحصول على موافقته، أو موافقة أي طرف من أطراف النزاع.
وبحسب الدراسة، فإن تدخل مجلس الأمن في ذلك الوقت كان مفهوماً، في ظل الطبيعة المتصدعة وسريعة الحركة للصراع السوري، وسط استحالة إجراء مفاوضات إنسانية موثوقة مع الأطراف التي تسيطر بشكل فعال على الأراضي السورية.
وأظهرت تحليلات الدراسة، أنه في حين أعطى مجلس الأمن أساساً قانونياً لإيصال المساعدات إلى سورية عام 2014، فإنه اليوم في عام 2022 يمكن الاستناد إلى أسس قانونية أُخرى لضمان استمرار تلك العملية الإنسانية.
وأضافت: “تقوم الأسس القانونية التي أنشأتها الدراسة على جمع أحكام أولية قابلة للتطبيق من القانون الدولي، وتطبيقها على النزاع السوري، وبالتالي التوصل إلى استنتاجات تحترم السيادة السورية وسلامة أراضيها بشكل كامل”.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي على تجديد قرار المساعدات العابرة للحدود، في يناير/ كانون الثاني المقبل، وسط توقعات باستخدام روسيا “حق النقض” (الفيتو) كما فعلت سابقاً، في إطار سعيها لعرقلة القرار منذ سنوات.
ومنذ عام 2014، جرت العادة أن يتم تمديد هذا القرار سنوياً عبر أربعة معابر، إلا أنه في منتصف عام 2021 فرضت روسيا مشروع قرار ينص على تمديده ستة أشهر فقط قابلة للتمديد ومن معبر باب الهوى فقط، الحدودي مع تركيا.
ويأتي ذلك في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية لملايين السوريين في مناطق شمال غربي سورية، إذ تشير أرقام الأمم المتحدة، إلى أن أكثر من 4 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، من أجل البقاء على قيد الحياة.