رغم بوادر التمديد..ماذا لو عرقلت روسيا “المساعدات عبر الحدود”؟
شكّل “تسريب” من داخل اجتماع لمكاتب الأمم المتحدة في مدينة غازي عنتاب التركية، هاجساً وقلقاً لدى المنظمات الإنسانية العاملة في منطقة شمال غربي سورية، يفيد بغياب أية صفة قانونية لفترة عمل انتقالية للمنظمات الأممية، بحال إلغاء آلية تفويض مجلس الأمن، حول إدخال المساعدات عبر معبر “باب الهوى”.
التسريب وصل لناشطين في إدلب، كما أفاد مراسل “السورية.نت”، مضيفاً أن أحد ممثلي المؤسسات الإنسانية الذي حضر اجتماعاً عُقد آواخر يونيو/حزيران الماضي في مدينة غازي عنتاب، أكد أن ممثلين عن مكاتب الأمم المتحدة، أخبروهم بعدم وجود تصور جاهز يكون بديلاً لاستمرار عملهم فيما لو عرقلت روسيا تمديد القرار الدولي بإدخال المساعدات “عبر الحدود” إلى سورية.
وتأتي مباعث القلق لدى المنظمات المحلية، من احتمالية إغلاق بعثة الأمم المتحدة في المنطقة، في حال عدم تجديد القرار الأممي بدخول المساعدات “عبر الحدود”، ما يترتب عليه إيقاف جميع مشاريع “الأمم المتحدة” في ريفي إدلب وحلب، التي تشترك المنظمات السورية في تنفيذها.
وحذّر، منذ أيام، بيان لـ”تحالف المنظمات السورية غير الحكومية”، من “أزمة كارثية ستشهدها المنطقة وسيتأثر بها مئات الآلاف حال دخول قرار إلغاء آلية التفويض عبر باب الهوى حيز التنفيذ”.
وقال البيان إن “أكثر من 3 ملايين سوري في مناطق شمال غربي سورية بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة”.
وأضاف:”اليوم نواجه خطر فشل مجلس الأمن في تجديد قرار تمديد دخول المساعدات عبر الحدود”.
وكان فريق “منسقو استجابة سورية”، حذّر في بيان سابق، من تبعات “إغلاق مكاتب الأمم المتحدة” الكارثية، وتأثيرها المباشر على حوالي أربعة ملايين ونصف من المدنيين، بينهم حوالي مليون ونصف نازح، في شمال غربي سورية.
وقال الفريق: “نحذّر وكالات الأمم المتحدة والبعثات التابعة للأمم المتحدة في تركيا من أي تحرّك يقضي إلى إغلاق مكاتبها ونقلها إلى مناطق أخرى ونؤكد على وجود العديد من الحلول الممكنة التي تؤدي إلى استمرار عملها”.
ومع استمرار الابتزازات الروسية بإيقاف “آلية التفويض”، تطالب منظمات سورية، بضرورة تحويل ملف المساعدات الإنسانية من مجلس الأمن الدولي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتدرس المنظمات خياراتها لما بعد إلغاء “آلية التفويض عبر باب الهوى”، تزامناً مع مساعٍ لإمكانية نقل ملف المساعدات والمشاريع الإنسانية إلى المنظمات الدولية، والخروج من عباءة “الأمم المتحدة”، والابتزاز الروسي.
وتتفاوت تبعات عرقلة تمديد القرار الدولي بإدخال المساعدات “عبر الحدود”، على المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غربي سورية، وفقاً لمدى اعتماديتها على مشاريع الأمم المتحدة، ولكن ذلك لو حصل فإنه سيشكل عموماً “هزّة للعمل الإنساني”.
“خياران”
محمد عقيل قناص وهو مدير مكتب “سرمدا” في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” (أحد برامج المنتدى السوري)، يضع خيارين لمصير إيقاف “آلية التفويض” عبر معبر باب الهوى، معتبراً أنّ الإيقاف ممكن أن يشمل فقط المساعدات العينية (مختلف أنواع السلل المقدمة من منظمات الأمم المتحدة) وهو خيار أقل ضرراً من الخيار الثاني، وهو إيقاف نشاط منظمات الأمم المتحدة سواء مشاريع أو سلل.
وقال قنّاص في حديثٍ لـ”السورية.نت”، إنّ “خيار إيقاف المساعدات العينية عبر باب الهوى سيكون له تأثير كبير على سكان المنطقة، لكن سرعان ما يتلاشى شيئاً فشيئاً خلال فترة انتقالية تمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر”.
وحذر ذات المتجدث من “تبعات الخيار الثاني، وهو إيقاف جميع أنواع المساعدات سواء العينية وغير العينية، على اعتبار أن احتياجات كثير من الأهالي الخدمية في المنطقة، مرتبطة بمشاريع منظمات الأمم المتحدة بنسبة تصل لحوالي 40 في المئة”.
ولفت إلى أن “هذه الخطوة ـ بحال وقعت ـ تدفع باتّجاه نقل العمليات الإنسانية عبر الخطوط، بإشراف نظام الأسد، وهو ما ترفضه جميع المنظمات الإنسانية المحليّة في المنطقة، فضلاً عن كون ذلك سيكون يمثابة قرار إجرامي بحق سكان المنطقة ويندرج تحت ممارسات التضييق على ملايين سكان مناطق إدلب وأرياف حلب”.
“مشاريع قيد التنفيذ”
يؤكد قنّاص، أنّ منظمة “إحسان” تواصل تنفيذ مشاريعها بدعمٍ من منظمات الأمم المتحدة ومستمرة حتى نهاية العام الجاري، منوهاً إلى أن إيقاف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الـ(أوتشا) يعتبر إخلالاً في الاتفاق، إضافةً إلى كارثة إنسانية على سكان المخيمات.
وتغطي منظمة “إحسان” أكثر من 30 مخيماً في منطقة إدلب، ضمن مشاريع ترحيل النفايات والصرف الصحي، وتزويد سكّانها بالمياه، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) وهي جميعها مهددة بالإغلاق وإيقاف الخدمة عن السكان.
وتشمل المشاريع المرتبطة بالأمم المتحدة في المنطقة، مختلف الخدمات الرئيسية من مياه وإصحاح والقطاع الطبي والأمن الغذائي وسبل العيش والتعليم.
“نقل المساعدات إلى المنظمات الدولية”
يتحدث عبد الرزاق عوض وهو مدير مكتب منطقة إدلب في منظمة (سيريا ريليف) عن إمكانية نقل المشاريع من منظمات الأمم المتحدة إلى المنظمات العالمية، وهو خيار يجنّب المنطقة التبعات الكارثية للقرار.
ويبقى انتقال ملف المساعدات، بحسب عوض، إلى منظمات دولية احتمالاً “قيد الدراسة”، في وقتٍ يؤكد فيه لـ”السورية.نت” على تأثر سكان مخيمات الشمال السوري بصورة جلية بتوقف السلل الغذائية وغير الغذائية، على اعتبارها مشاريع من برنامج الغذاء العالمي (WFP).
وينفي عوض تأثر عمل المنظمات المعتمدة على الشراكات بالمنظمات الدولية، إلا بما يتعلق ببعض السياسيات تواءماً مع المرحلة الجديدة.
وتحضر تخوفات عمال الإغاثة في شمال غرب سورية من “فاتورة إنسانية على حساب صمود سكان المنطقة من نازحين ومقيمين في المخيمات والمدن” خلال فترة انتقال ملف المساعدات إلى المنظمات الدوليّة.
واقترحت روسيا على أعضاء مجلس الأمن، تمديد تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر معبر الهوى، لمدة ستة أشهر.
وذكرت وكالة “الأناضول” التركية، اليوم الخميس، أن روسيا وزعت على أعضاء المجلس مشروع القرار، الذي يتعارض مع مشروع آخر صاغته إيرلندا والنرويج.
ويدعو مشروع القرار الإيرلندي والنرويجي، إلى تمديد قرار إدخال المساعدات لمدة عام كامل، وليس 6 أشهر فقط.
وذكرت وكالة “أسوشيتد برس“، أن روسيا اشترطت لتمديد القرار لمدة 6 أشهر، بأن يتم “زيادة حجم الدخول للمساعدات عبر الخطوط الداخلية”، في إشارة إلى زيادة المساعدات التي تدخل من مناطق نظام الأسد إلى شمال سورية.
ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع القرار الإيرلندي والنرويجي، خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم الخميس.
وفي حال فشل الحصول على 9 أصوت من قبل أعضاء المجلس، أو استخدام روسيا لحق النقض “الفيتو”، سيتم طرح القرار الروسي للتصويت.
وكانت روسيا وافقت العام الماضي على تمديد قرار إدخال المساعدات عبر الحدود، مقابل إدخال المساعدات عبر “خطوط التماس” مع نظام الأسد، ودخلت خلال عام واحد 5 قوافل فقط “عبر “خطوط التماس” كان آخرها، الشهر الماضي.
وحسب فريق “منسقو استجابة سورية”، في بيان سابق فإنّ نسبة المساعدات عبر “الخطوط” منذ تمديد القرار الدولي في يوليو/تموز العام الماضي، تشكل 0.36 من إجمالي المساعدات، بينما بلغت عبر “المعابر” 99.64%.