منذ توليه منصب وزير الخارجية في إيران في أغسطس/آب 2021 أجرى حسين أمير عبد اللهيان 5 زيارات إلى العاصمة السورية دمشق، آخرها أعلن عنها اليوم السبت، وبينما تأتي بشكل مفاجئ تتزامن مع سلسلة تحوّلات وتطورات ترتبط بجزء أساسي بموقع النظام السوري ومحيطه في المنطقة.
ونادراً ما تعلن طهران مسبقاً عن زيارات مسؤوليها إلى دمشق، والتزمت بهذا المسار منذ بداية تدخلها العسكري لدعم نظام الأسد في النصف الثاني من عام 2012، وما تبع ذلك من تحوّل الحراك السلمي إلى مسلح.
ووفق ما أعلنت وسائل إعلام النظام السوري، اليوم السبت، فإن زيارة عبد اللهيان الحالية إلى دمشق قادماً من العاصمة اللبنانية بيروت تهدف إلى “التشاور مع القيادة السورية حول تطورات الأوضاع في المنطقة”.
وترتبط هذه “الأوضاع” حسب المعطيات التي شهدتها الأسابيع الماضية بالمسار الثلاثي الذي بدأته روسيا لفتح مسارات حوار بين النظام السوري وتركيا، وكلّلت أولى خطوات ذلك بالاجتماع على مستوى وزراء الدفاع في العاصمة موسكو.
في غضون ذلك جاء وصول عبد اللهيان إلى دمشق، بعدما تباينت تصريحات أنقرة والنظام السوري بشأن الانتقال إلى الخطوة الثانية من خارطة الطريق الخاصة بالحوار، والتي من المقرر أن تترجم باللقاء على مستوى وزراء الخارجية، مولود جاويش أوغلو وفيصل المقداد.
وحتى الآن لم يحدد موعد ومكان الاجتماع السياسي المنتظر، وفي حين أبدت أنقرة استعداد عقده في مطلع فبراير/شباط المقبل لم يعطي النظام السوري أي بادرة إيجابية، فيما اشترط بشار الأسد في تصريح له، قبل أيام “إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب”، كخطوة لكي تكون “اللقاءات مثمرة”.
بدوره كان صرّح وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان في أثناء مؤتمر صحفي في بيروت، يوم الجمعة أن بلاده “سعيدة بالحوار بين سورية وتركيا، وتعتقد أنه يمكن أن ينعكس إيجاباً لمصلحة البلدين”، لكنه أشار في ذات السياق إلى ضرورة العمل وفق مسار “أستانة” و”أن تكون سورية حاضرة”.
“التطورات تحرّك الحليف”
وكان لافتاً أن الزيارات الأربعة السابقة لعبد اللهيان إلى دمشق أنها تزامنت مع التطورات المستجدة على خط أنقرة-النظام السوري من جهة، وفي وقت أجرى فيه مسؤولون إماراتيون زيارات إلى العاصمة، على رأسهم وزير الخارجية، عبد الله بن زايد.
وقبل أسابيع كان بن زايد قد التقى الأسد وبشكل مفاجئ أيضاً في دمشق، وجاء ذلك بينما كانت الأنظار تتجه إلى المرحلة الثانية من خارطة طريق الحوار بين النظام وتركيا.
وكانت الزيارة الأولى للوزير الإيراني إلى دمشق بعد أسبوع واحد من توليه المنصب، وذلك في التاسع والعشرين من شهر أغسطس/آب 2021، وتبعتها ثانية في العام ذاته لكن في شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وفي العام المنصرم 2022 أجرى عبد اللهيان زيارتين إلى العاصمة، والتقى فيهما بنظيره المقداد ورأس النظام بشار الأسد، وكانت الأولى في مارس/آذار من العام المذكور، والثانية في شهر يوليو/تموز.
وبعد وصوله إلى سورية ولقائه المقداد ربط عبد اللهيان أحد أهداف زيارته الأخيرة، في شهر يوليو بـ”السعي للتقدم في مسار استقرار السلام والأمن بين سورية وتركيا”. وأضاف حينها: “هناك تطورات كثيرة تشهدها المنطقة، وتفرض علينا التحرك البنّاء لمنع اشتعال أزمات جديدة”.
وفي الزيارة التي سبقتها بثلاثة أشهر كانت عباراته بنفس اقتصادي على نحو أكبر، مشيراً في ذلك الوقت وفق وسائل إعلام إيرانية إلى أن “موقع العلاقات الاقتصادية بين البلدين يقع في الأولوية إلى جانب جميع الأبعاد الأخرى للعلاقات”.
من هو عبد اللهيان؟
ويعتبر عبد اللهيان من الشخصيات السياسية البارزة في إيران، وشغل العديد من المناصب الحكومية في إيران إذ كان سفير طهران في البحرين، كما تولى منصب نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية من عام 2011 إلى عام 2016.
وكان عبد اللهيان نائب رئيس بعثة إيران في بغداد من سنة 1997 حتى2001، كما يعتبر من السياسيين المتشددين إلى جانب صلاته بـ”الحرس الثوري الإيراني”، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع نظام الأسد حسب وسائل إعلام إيرانية.
وفي تصريحات سابقة له في 2015، وصف الأسد بأنه “خط أحمر” بالنسبة لإيران، واعتبر أنه “لولا دعم إيران لنظام بشار الأسد وجهود مستشاريها العسكريين، لكانت دمشق قد سقطت خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب”.