قال سفير النظام السوري السابق لدى أنقرة، نضال قبلان، إن هناك تقدماً “محدوداً” في تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام، متحدثاً عن خطوات ملموسة ينتظرها الأخير من أنقرة.
وفي مقابلة له مع شبكة ” BBC” بنسختها التركية، اليوم الأربعاء، قال قبلان إن النظام السوري يؤيد بشكل عام التطبيع مع تركيا، لكنه لم يصدر بياناً رسمياً حول ذلك لأن الأمر مرتبط بمدى تنفيذ أنقرة لهذه الخطوات.
وأضاف أن النظام لديه مطالب كثيرة من تركيا، إلا أن وقف بث القنوات التلفزيونية السورية المعارضة في تركيا سيعتبر “مؤشراً هاماً على حسن النية”، حسب تعبيره.
إلى أي مرحلة وصلت المحادثات؟
وأفادت وكالة “رويترز”، قبل أيام، أن رئيس جهاز المخابرات الوطنية التركية، هاكان فيدان، ورئيس مكتب الأمن القومي بنظام الأسد، علي مملوك، عقدا محادثات في دمشق مؤخراً.
ولم يتم نفي الخبر رسمياً من قبل السلطات في تركيا.
من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة “حريت” التركية، أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال في كلمة ألقاها في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند: “أتمنى لو كان الأسد قد جاء إلى أوزبكستان، سألتقي به”.
وأضاف: “لكنه (الأسد) لا يستطيع الحضور.. سورية ستنقسم بسببه وبسبب سلوكه. لقد حارب المعارضة لحماية سلطته”.
وعمّقت تلك الأنباء من النقاشات داخل الرأي العام التركي، حول مزاعم عملية التطبيع بين أنقرة والنظام.
وبهذا الصدد، قال سفير النظام السابق لدى تركيا، نضال قبلان، إن هذه التطورات تتم متابعتها عن كثب من قبل الدوائر العامة والحكومية في سورية أيضاً.
وأضاف في تقييمه للتطورات “أرى تقدماً محدوداً” في التطبيع بين البلدين.
ويشير إلى أن النظام لم يصدر بعد بياناً رسمياً بشأن هذه القضية، لأنه يتوقع “خطوة ملموسة” من تركيا، ويقول: “نحن جميعاً ننتظر كيف ستتطور الأحداث وما إذا كانت تصريحات أردوغان ومسؤولين أتراك آخرين بشأن استئناف العلاقات مع سورية سيتحقق أم لا”.
ويضيف السفير السابق: “تطبيع العلاقات مع تركيا هو بالتأكيد في مصلحة الشعب السوري والدولة السورية”.
“الظروف أفضل”
يعتقد قبلان أن الوضع السياسي الحالي في المنطقة والعالم أكثر ملاءمة لتطبيع العلاقات بين تركيا والنظام، بقوله “لقد تغيّر العالم”، في إشارة منه إلى كل من حرب أوكرانيا والشرق الأوسط.
ويقول: “ربما نحن نراقب نظاماً عالمياً جديداً. كان للحرب في أوكرانيا تأثير على العديد من البلدان. أقنعت التوترات التي شهدتها مناطق مختلفة، البلدان التي اتخذت مواقف أكثر صرامة من قبل، بالمبادرات الجديدة”.
لذلك، فإن الظروف أكثر ملاءمة اليوم لإعادة تطوير العلاقات بين تركيا ونظام الأسد، حسب تعبيره.
وأضاف: “لكن تركيا كانت جزءاً من تصعيد التوترات في سورية. لذلك، فإن تركيا هي التي ستبدأ في الحد من هذا التوتر”.
ما هي مطالب النظام الأولية؟
بحسب قبلان، الذي يقيم في دمشق، فإن نظام الأسد يتوقع من تركيا خطوات عدة قبل عملية التطبيع، ومن بينها سيطرة النظام الكاملة على محافظة إدلب، وإعادة السيطرة على الطريق السريع M4 بين حلب واللاذقية.
كما يطالب بضمان رفع العقوبات عن المؤسسات والأفراد السوريين، ووقف الدعم العسكري والمالي والاستخباراتي للجماعات التي تعتبرها تركيا ودول المنطقة “إرهابية”.
وأضاف: “ستكون هذه موضع ترحيب في سورية وسترد دمشق بالتأكيد على هذه الخطوات “.
وحول مخاوف تركيا الأمنية من “وحدات حماية الشعب” و”حزب العمال الكردستاني”، قال قبلان إنه بالنسبة للنظام السوري هذه مسألة تتعلق بالأمن القومي.
وأضاف: “سواء أكانت كردية أو عربية أو تركمانية.. نحن ضد الوجود المسلح لجميع الجماعات غير الشرعية. نحتاج أيضاً إلى تعريف واضح للإرهاب”.
وتابع: “تم التأكيد على وحدة أراضي سورية في القمة الأخيرة التي حضرها أردوغان وبوتين في طهران. هذا مهم جداً ويحتاج إلى خطة شاملة لتحقيقه”.
يُشار إلى قضية أمن الحدود لها تاريخ مهم لكلا البلدين، وأثناء عمل قبلان سفيراً في أنقرة كانت هناك اجتماعات منهجية رفيعة المستوى بين ضباط المخابرات التركية والسورية، حسب قوله.
وأضاف: “كان هناك تعاون جاد بين سورية وتركيا للسيطرة على الجماعات الكردية الإرهابية في شمال سورية. وقبل ذلك، تم التوقيع على اتفاقية أضنة”.
إيقاف القنوات السورية المعارضة
يرى قبلان أنه على الرغم من أن النظام السوري لديها مطالب مختلفة من تركيا، فإن خطوة ملموسة أصغر مقارنة بهذه المطالب الرئيسية، ستتم تلبيتها كدليل على حسن النية وسيتم الرد عليها بإيجابية من قبل النظام.
ويقول إن هذا قد يكون، على سبيل المثال، إيقاف بث القنوات التلفزيونية السورية المعارضة في تركيا.
وتابع: “برأيي الشخصي، ستكون خطوة صغيرة وذات جدوى كبيرة لتركيا أن تمنع القنوات التلفزيونية المعارضة السورية التي تبث في هذا البلد من العمل”.
واعتبر أنه “عندما بدأ أردوغان عملية التطبيع مع مصر، أوقف القنوات التلفزيونية للإخوان المسلمين في البلاد عن انتقاد الحكومة المصرية وزعيمها. يمكن لخطوة صغيرة وقابلة للتطبيق أن تخفض التوتر وستستقبل بالتأكيد استقبالاً جيداً في دمشق”.
عودة اللاجئين
ذكر قبلان أن أحد البنود المهمة على جدول الأعمال بين البلدين في الفترة المقبلة سيكون عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وبحسب السفير السابق، فإنه يرى أن على دول المنطقة والمؤسسات الدولية التعاون مع النظام السوري، مقابل دول المنطقة التي تستضيف السوريين.
واعتبر أن “قسماً كبيراً من اللاجئين في تركيا يريدون العودة”، لكن يتم استخدامهم لأغراض سياسية في بلدان مختلفة.
ومع ذلك، تعتبر وكالات الأمم المتحدة ومختلف منظمات حقوق الإنسان الدولية بأن الظروف في سورية ليست آمنة للعودة.
وينفي قبلان التصريحات التي تفيد بأن العائدين يواجهون انتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان في بلدهم.
ويقول: “أعتقد أنه يمكن تسوية قضية عودة اللاجئين السوريين في المستقبل القريب. أعتقد أن غالبية اللاجئين يمكنهم العودة بأمان إلى بلدانهم. وصدرت عدة قرارات عفو، أحدها جديد. يُروى أن الإدارة السورية تعتقل العائدين. أعلم أن مئات الآلاف من الأشخاص قد عادوا، وحتى أولئك الذين حملوا السلاح قبلوا أن يكونوا مواطنين عاديين”.
وأشار إلى أن الحوار مع الجماعات التي يصفها بـ “الجماعات المتشددة والمحافظة” غير ممكن.
“التطبيع في مصلحة البلدين”
وتحدث السفير السابق في أنقرة، على أمن الحدود بشكل متكرر، مشيراً إلى أن الأحداث التي استمرت 12 عاماً أضرت بالبلدين اقتصادياً وسياسياً.
ويرى قبلان أن التطبيع “ضرورة للمصالح الوطنية للبلدين”.
وينهي بقوله “إن الوقت ضروري للتطبيع الحقيقي للعلاقات والانتقال إلى مرحلة فتح السفارات”.