على مدى العقود الماضية برز العديد من رجال الأعمال المعروفين بنشاطاتهم التجارية والاستثمارية وعلاقاتهم مع نظام الأسد، إلا أن هناك شخصيات منهم بقيت تدير أعمالها في الخفاء، بعيدة عن أي ظهور.
ومن هذه الأسماء، سمير أنيس حسن، الذي لم يكن اسمه متداولاً كثيراً في السنوات الأخيرة، رغم امتلاكه نحو 15 شركة، ويمكن وصفه بأنه “أخطبوط” من حيث أنشطة هذه الشركات في مختلف المجالات.
وورد اسم سمير حسن في التحقيق الذي كشفته مؤسسات سورية، الثلاثاء الماضي، عن تعاقد الأمم المتحدة مع شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، ودفع ملايين الدولارات لها.
وتحدث التحقيق الذي أطلقته “رصد الشبكات السياسية والاقتصادية” و”البرنامج السوري للتطوير القانوني”، وتقديم الأمم المتحدة نحو 137 مليون دولار لشركات سورية.
وترأس هذه الشركات، شخصيات خاضعة لعقوبات أمريكية وأوروبية، بسبب تورطها في دعم نظام الأسد.
وكشف التحقيق أن شركة “الأمير للمنتجات الغذائية”، وهي جزء من “مجموعة الأمير” المملوكة لسمير حسن وعائلته، حصلت على عقود بقيمة 8،444،671 دولاراً أميركياً خلال عقد مع “برنامج الغذاء العالمي” في عامي 2019 و2020، رغم العقوبات المفروضة على حسن من قبل الاتحاد الأوروبي وأمريكا بسبب دعم النظام.
بداية الأخطبوط
ينحدر حسن من قرية “الحمام القراحلة” في ريف اللاذقية، وبدأ عمله تحت مظلة ابن عمة بشار الأسد، ذو همة شاليش، الذي كان أبرز ضباط “الحرس” في القصر الجمهوري،وكان المرافق الشخصي الأول لحافظ ثم بشار الأسد.
تمكن حسن من أن يصبح وكيلاً حصرياً لشركة “نستله” السويسرية في سورية أواخر التسعينات، قبل أن يدخل في عالم الاتصالات ويؤسس شركة “مجموعة الأمير للاتصالات”، ويصبح وكيل شركة هواتف “نوكيا” في سورية، إلى جانب وكالته لكاميرات “نيكون” وأفلام “فوجي” للتصوير.
وحسب موقع “مع العدالة” فإن “شركة نستله تنتج حوالي 47 ألف طن من حليب الأطفال والمنتجات الغذائية الأخرى، كما يحتكر في الوقت نفسه وكالات هواتف نوكيا التي سيطرت على السوق السورية منذ عام 2000 وحتى وقت قريب”.
واكتسب حسن مع مرور الوقت ثقة المقربين من نظام الأسد، ليصبح من رجال الأعمال البارزين، إذ أسهم في تأسيس شركة “شام القابضة” مع رامي مخلوف، ابن خال الأسد، في عام 2006، كما أصبح قيدادياً في شركة “إعمار الشام” التي تأسست عام 2008 بالاتفاق بين شركة “شام القابضة” وشركة التطوير العقاري العالمية (إعمار) الإماراتية.
وتوسع مجال حسن الاستثماري لاحقاً، فأسس “مجموعة الأمير للتجارة العامة” و”بنك بيبلوس” وشركات مختصة بالمنظفات والمبيدات الحشرية والتكنولوجيا والتعدين والعناية الطبية، كما أصبح عضو مجلس إدارة وشريك في الشركة السورية الكويتية للتأمين.
وحسب ما ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية في 2014، فإن سمير حسن أبرز المستثمرين في استيراد المواد الغذائية، لا سيما القمح والأرز والسكر والشاي لمصلحة رامي مخلوف.
وبرز اسم حسن أكثر من خلال علاقته مع روسيا عندما عينه نظام الأسد رئيس مجلس الأعمال السورية- الروسي، وأصبحت مهمته دعوة الشركات الروسية وإقناعها بالاستثمار في سورية وتقديم ميزات لها.
وحسب “مع العدالة“، المتخصص بملاحقة مجرمي الحرب في سورية، فإن حسن عمل على جلب شركات الاستثمار الروسية في كافة القطاعات، وعلى رأسها قطاعات النفط والسياحة والتجارة.
كما عمل على “تسهيل عمليات التحويل المالي للنظام عبر شركات كوبيت الروسية التي تضم 158 شركة كبرى، والتي قامت بافتتاح فرع لمصرفها في سورية لحل هذه المشكلة، بالإضافة إلى افتتاح شركة خاصة في المنطقة الحرة لتسهيل نقل البضائع وإنشاء خط نقل بحري مباشر ، بين ميناء اللاذقية وميناء نوفوروسيسك من خلال السفن الخاصة التابعة للمجموعة الروسية المذكورة”.
عقوبات أوروبية تحايل عليها
وبسبب علاقاته مع نظام الأسد، كان حسن عرضة للعقوبات الأوروبية، عندما فرض الاتحاد الأوروبي عليه عقوبات، بسبب “قربه من ماهر الأسد ودعم النظام اقتصادياً”.
إلا أن حسن حاول عدة مرات رفع العقوبات عنه، عبر تقديم مستندات لمحكمة الاتحاد الأوروبي في 2014، يتحدث فيها عن عدم مشاركته في أي نشاط اقتصادي الغرض منه دعم النظام.
وحسب موقع “الاتحاد الأوروبي” الرسمي، يعتبر حسن أن “أهداف وأنشطة الشركات الخمس عشرة التي يديرها في سورية هي تجارية ومالية بحتة، وأن المصرفين اللذين له مصلحة فيهما لا علاقة لهما بالنظام السوري”.
ورغم العقوبات تكمن حسن من التحايل عليها عبر تأسيس شركات في جزر العذراء البريطانية، إذ كشفت “وثائق باندورا” العام الماضي، عن تأسيس حسن لشركات عقارية هي ” libra Investments Trading وSamya Investment Limited وSunset Real Estate Properties Limited”.
وحسب الوثائق فإن “رجل الأعمال السوري سمير حسن قام بتأسيس شركة Sunset في جزر العذراء البريطانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، لتمارس أنشطة تجارية تتعلق بالعقارات والممتلكات”.