تعاقب على سجن “صيدنايا العسكري” منذ تأسيسه في 1987 حتى اليوم، أكثر من عشرة مدراء، حسب التحقيق الذي نشرته “رابطة معتقلي سجن صيدنايا”، اليوم الاثنين.
واستعرض التحقيق كماً كبيراً من المعلومات الخاصة بالسجن والذي سبق وأن وصفته منظمة “العفو الدولية” بـ”المسلخ البشري”، إضافة لنبذة عن مدراء السجن العشرة، الذين تعاقبوا على إدارته، مع ذكر أهم الأحداث التي جرت خلال فترة توليهم مناصبهم.
وكان من اللافت في التحقيق أن جميع مدراء السجن ينحدرون من محافظتي طرطوس واللاذقية فقط.
“بركات العش”
يعتبر بركات العش أول مدير لسجن صيدنايا، إذ تولى إدارته بين عامي 1987 و1991، وينحدر من قرية “دم سرخو” في ريف محافظة اللاذقية.
عُيّن العش عام 1985 نائباً لمدير سجن تدمر، وكان حينها برتبة مقدم قبل أن يتم ترفيعه إلى رتبة عقيد، وتوليه إدارة سجن صيدنايا وبقي أربع سنوات قبل نقله إلى إدارة الشرطة العسكرية.
وشهدت فترة إدارة العش للسجن، عمليات تعذيب تعرض لها المعتقلون السياسيون المنتمون لـ”حزب البعث الاشتراكي- الجناح العراقي”.
“محي الدين محمد”
تولى إدارة السجن عام 1991 وبقي حتى عام 2003، ويعتبر أكثر شخص بقي في هذا المنصب دون تغيير.
ينحدر محمد من قرية درمين التابعة لمدينة جبلة، وهو “أحد أبناء رجال الدين المهمين في الطائفة العلوية”، حسب التحقيق.
تمثلت فترة إدارته للسجن، بالجمود السياسي الذي كان مُسيطراً على سورية في حقبة التسعينيات.
كما تتميز فترة إدارته بإطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين من السجون السورية، بعد تجميعهم في سجن صيدنايا وإطلاق سراحهم على دفعات.
“لؤي يوسف”
تسلم لؤي يوسف إدارة السجن عام 2003 خلفاً لمحي الدين محمد، وبقي حتى إقالته عام 2006، بعد حادثة هروب موقوفين جنائيين، كانا يعملان في نظام السخرة داخل فرن السجن، حيث جلسا في أكياس طحين، وتجاوزا كل المفارز الأمنية وهما داخل سيارة نقل الطحين.
ينحدر يوسف من قرية “بحمرة” في ريف اللاذقية، وكان أحد المقربين من اللواء غازي كنعان، وزير الداخلية الأسبق، قبل انتحاره سنة 2005.
ويتميز عهد يوسف بإفراغ السجن من معتقلي حافظ الأسد الآب السياسيين، وزج معتقلي بشار الأسد الأبن، حسب التحقيق.
“علي خير بيك”
ينحدر خير بيك من مدينة القرداحة في اللاذقية، وتسلم إدارة السجن سنة 2006، وبقي حتى إقالته سنة 2008 بعد أحداث التمرد الشهيرة.
بعد تسلمه أطلق العنان لكتّاب التقارير والمخبرين من المعتقلين، ما أدى إلى إعادة التحقيق مع عدد من المعتقلين وفتح قضايا جديدة لهم، إضافة إلى العقوبات على المعتقلين وقطع الكهرباء والماء.
وكانت هذه الإجراءات سبب التمرد في السجن عام 2008، عندما أسرَ المعتقلين نحو 1200 عنصر من الشرطة العسكرية.
“طلعت محفوض”
تولى إدارة السجن سنة 2008، وينحدر من قرية “البريخية” التابعة لمنطقة الدريكيش في طرطوس، وكان تربطه علاقة قوية مع اللواء آصف شوكت، زوج أخت الأسد.
ويعتبر محفوض أحد المسؤولين عن مجزرة صيدنايا عام 2008، والتي أودت بحياة 125 معتقلاً خلال محاولة السيطرة على السجن والقضاء على التمرد.
تسلم محفوض عام 1999 سجن تدمر العسكري، وبقي مديراً له حتى عام 2004، ليصبح رئيساً لفرع الشرطة العسكرية في اللاذقية حتى عام 2006، قبل أن ينقل مرة أخرى إلى سجن تدمر، ثم صيدنايا
وقتل مخفوض في كمين محكم نصب له من قبل “الجيش الحر” على طريق التل- منين بريف دمشق في 2013، حسب التحقيق.
“إبراهيم سليمان”
ينحدر من قرية “فجليت” التابعة لمنطقة الدريكيش في طرطوس، متخرج من الكلية الحربية في 1985.
ندرّج سليمان في الرتب العسكرية حتى عام 2009، عندما أصبح عقيد ركن، وتسلم فرع قيادة الشرطة العسكرية في حمص، ثم كُلف برئاسة فرع السجون في الشرطة العسكرية.
ولم تدم إدارة إبراهيم لسجن صيدنايا طويلاً، إذ بلغت فقط ستة أشهر ،من 7 مايو/ أيار 2013، حتى 1 من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، قبل أن يعاد إلى الشرطة العسكرية في القابون.
وتميزت فترة إدارته بتصاعد عمليات التعذيب الممنهجة، التي طبقت على المعتقلين في السجن، انتقاماً لمقتل المدير السابق للسجن.
“أديب اسمندر”
من مواليد قرية “القلايع” التابعة لمدنية جبلة عام 1962، واتبع دورة طالب ضابط في كلية الحربية الكيمائية في منطقة اليهودية في اللاذقية، ثم تخرج منها عام 1983، وهي نفس الدورة التي تخرج منها باسل الأسد شقيق بشار، الذي مات بحادث سير عام 1994.
وتعرف اسمندر على بشار الأسد خلال خضوع الأخير لدورة مهندس قيادي في كلية المدرعات في حمص، وطلب منه نقله إلى الشرطة العسكرية.
وعين اسمندر رئيساً لفرع الشرطة العسكرية في إدلب عام 2003، ثم عين رئيساً لفرع الشرطة العسكرية في اللاذقية حتى العام 2010، قبل أن ينقل إلى إدارة الشرطة في دمشق.
في 2013 عين مديراً لسجن صيدنايا وبقي حتى مارس/ آذار 2014، حين نقل إلى إدارة الشرطة العسكرية.
تميز عهده بالتنويع في وسائل التعذيب والتنكيل، إذ أمر بسحب كل أدوات الحلاقة، من المعتقلين وإجبار السجناء على حلاقة لحاهم بنتفها بالأيدي أو بخيط من البطانية.
وحسب التحقيق فإن عدد من المعتقلين ماتوا تحت التعذيب، بسبب العقوبات التي كانت تفرض عليهم بحجة وجود شعر على لحاهم.
“محمود معتوق”
من مواليد قرية “فيديو” باللاذقية عام 1970، وانتسب إلى الكلية الحربية وتخرج عام 1992، باختصاص دفاع جوي، قبل أن ينقل إلى مدرسة الشرطة العسكرية في القابون مدرباً لمادة النظام المنضم، بعد تميزه وانضباطه في تقديم أحد العروض العسكرية في الدفاع الجوي.
في 2002 نُدب معتوق إلى روسيا مدة ستة أشهر، وخضع لدورة تدريبية، قام على أثرها بتعديل مادة النظام المنضم في الجيش.
في 2008 تخرج من دورة القيادة والأركان في أكاديمية الركن، وبقي في إدارة الشرطة العسكرية حتى عام 2013 قبل نقله إلى سجن صيدنايا خلفاً للعميد اسمندر.
تعتبر فترة معتوق من أصعب فترات السجن، إذ عُيّن المقدم هيثم رحال ضابط أمن السجن، والذي بدوره شكل عصابة سمُيت “عصابة الأشرار”، وأفرادها من الطائفة العلوية من المحكومين بأحكام سرقة وخطف وقتل، حسب التحقيق.
وكانت العصابة تدخل إلى المهاجع وتنكل بالسجناء، حيث قتلت العديد منهم بتكسير عظامهم وتحطيم رقابهم.
وابتكر معتوق طريقة حلق شعر الرأس والجفن للمعتقلين بالخيط، قبل وفاته بنوبة قلبية في السجن مطلع 2018.
“وسيم حسن”
من مواليد قرية “بتغرامو” التابعة لمدينة جبلة عام 1968، وانتسب إلى الكلية الحربية ثم تخرج منها برتبة ملازم اختصاص مشاة، وتم فرزه إلى الحرس الجمهوري.
في عام 1996 نقل إلى الشرطة العسكرية في القابون، وخضع إلى دورة تأهيل وتدريب لمدة 6 أشهر، وبعدها عُيّن في الكتيبة 230 في الوحدة الثالثة لقيادة الشرطة العسكرية.
في عام 2000 نقل إلى لبنان وتولى قيادة السرية الميدانية التابعة للكتيبة الميدانية التي نقل إليها عام 1998.
عام 2002 نقل إلى سجن تدمر واستلم سرية الحراسة التابعة للسجن، وبقي هناك حتى عام 2006، قبل نقله إلى سجن صيدنايا في عام 2007، ثم نقل مرة أخرى إلى قيادة الشرطة العسكرية في دمشق.
في 2010 رقيَّ إلى رتبة عقيد وأعيد مجدداً إلى سجن صيدنايا، ثم عُين معاوناً لمدير السجن “طلعت محفوض”، قبل نقله إلى فرع الشرطة العسكرية في اللاذقية سنة 2013، وبقي هناك حتى عُين مديراً لسجن صيدنايا سنة 2018.
عام 2020 نقل إلى قيـادة الشـرطة العسـكرية بالقابون، وبقـي هنـاك حتى أحيـل إلـى التقاعـد، وعـاد إلـى قريتـه حيث توفي سنة 2021 بجلطة قلبية عن عمر 52 عاماً.
وأبرز ما يميز فترة حسن، إعدامه مالا يقل عن 500 شخص من الذين أجروا مصالحات “تسوية” مع النظام وخاصة من أهالي الغوطة ودرعا وحمص وحلب.
“أسامة محمد العلي”
من مواليد قرى منطقة صافيتا بطرطوس عام 1971، وتخرج من الكلية الحربية برتبة ملازم اختصاص مشاة عام 1994.
كان العلي على علاقة جيدة مع العماد إبراهيم الصافي قائد الفرقة الأولى حينها، الأمر الذي ساهم بنقله إلى الشرطة العسكرية.
وتدرج في الرتب العسكرية خلال تواجده في الشرطة، قبل ترقيته إلى رتبة مقدم في 2010 ونقله إلى سجن صيدنايا، وبقي هناك حتى عام 2014 عندما نقل إلى المباحث العسكرية بفرع دمشق ورفع إلى رتبة عقيد.
عُين في 2016 رئيساً لفرع الشرطة العسكرية في القامشلي، وبقي هناك حتى عام 2018 حيث تم نقله مجدداً إلى سجن صيدنايا، الذي تسلم إدارته في 15 مارس/ آذار 2020 حتى الآن.
واتبع العلي نهج من سبقه في عمليات التعذيب، واستمرار عمليات الإعدام خصوصاً بحق المعتقلين الموقوفين بعد عام 2018.