أثار مرسوم العفو عن “الجرائم الإرهابية”، الذي أصدره رأس النظام السوري، بشار الأسد ردود الفعل لدى الكثير من السوريين، وخاصة الناشطين منهم في المجال الحقوقي والإنساني.
وانعكست هذه الردود عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم السبت، فيما تقاطعت مع تلك التي انتشرت في أعقاب تحقيق “مجزرة التضامن”، الذي نشرته صحيفة “الغارديان”، قبل أيام.
ووثق التحقيق الخاص بالمجزرة الذي أعده الباحثان أنصار شحّود وأوغور أوميت أونجور، العاملان في “مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية” في جامعة أمستردام الجريمة بالفيديو وباسم مرتكبها وصورته.
وأظهر التسجيل المصور عناصر من مخابرات نظام الأسد، وهم يعدمون عدد من المدنيين وهم معصوبو الأعين، وأيديهم مقيدة، قبل دفعهم إلى حفرة وإطلاق الرصاص عليهم قبل حرقهم، في حي التضامن بدمشق.
كما كشف التحقيق عن هوية الجناة، على رأسهم أمجد يوسف، والذي كان يشغل بعج عام 2011 منصف صف ضابط “مُحقِّق”، في فرع المنطقة أو الفرع 227، وهو فرع تابع للأمن العسكري “شعبة المخابرات العسكرية”.
تحقيق لصحيفة الغارديان يوثّق بالفيديو والصور واحدة من أبشع الجرائم التي ما تزال تُرتكب بحق #السوريين في جحيم "#سوريا_الأسد"، جرائم – غالباً – لن يُحاكم فاعلوها لا داخل سوريا ولا خارجها!!#مجزرة_التضامن 2013 pic.twitter.com/Esz0FvdJ35
— Saeed Alyousef (@S_Ghazzol) April 27, 2022
“نسخة من مراسيم سابقة”
وذكرت وكالة أنباء نظام الأسد (سانا) أن مرسوم عفو الأسد حمل رقم “7”، وقضى بمنح “عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 أبريل 2022”.
ولا يشمل الإجراء الذي اتخذه الأسد، بحسب “سانا” “الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان، والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم /19/ لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ لعام 1949 وتعديلاته”.
وأضافت: “العفو لا يؤثر أيضاً على دعوى الحق الشخصي، وللمضرور في جميع الأحوال أن يقيم دعواه أمام المحكمة المدنية المختصة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها رأس النظام هكذا نوع من المراسيم، وخاصة في الفترة التي تستبق الأعياد.
وكثيراً ما أوضح حقوقيون أن مراسيم العفو تأتي في مسعى إعلامي من جانب النظام السوري لـ”تحسين صورة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”، التي ارتكبها بحق السوريين، منذ عام 2011.
الأسد يصدر مرسوم عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة قبل 30-4-2022 عدا التي افضت الى الموت.
من ناحية نظرية يشمل المرسوم جميع السجناء لانهم لم يقتلوا احد وهم بالاصل متظاهرين سلمين وليسوا بارهابين.
من ناحية عملية كما هي العادة سيقتصر العفو على البعض كتمثيلية من النظام.. pic.twitter.com/Qw5wfpkz7Q— ZIYAD SHIKHANI (@Zshikhani) April 30, 2022
وكتب الحقوقي والمحامي السوري، عبد الناصر حوشان عبر “تويتر” أن مرسوم “عفو الأسد” الجديد هو “نسخة طبق الأصل عن مراسيم سابقة، أصدرها نظام الأسد، وتشمل نفس الجرائم و تستثني نفس الجرائم.
وأوضح حوشان: “إن كان حقّاً أن المراسيم السابقة شملت المعتقلين على خلفية تلك الجرائم فهذا يعني أنه من المفترض ألّا يبقى معتقل ليشمله هذا القانون”، مضيفاً: “هذا العفو ما هو إلا محاولة سنوية مبتذلة يكررها النظام لتلميع صورته الوحشية، والتي لن تنطليَ إلا على المغفلين”.
كما هي محاولة “لامتصاص الغضب الذي أثاره نشر تقرير مجزرة حي التضامن من قبل صحيفة الغارديان البريطانية”، وفق المحامي السوري.
تعقيب على قانون العفو الجديد
قانون العفو رقم 7 تاريخ 30/ 04 / 2022 هو نسخة طبق الأصل عن اكثر من 12 قانون عفو أصدرها النظام المجرم وتشمل نفس الجرائم و تستثني نفس الجرائم .— عبد الناصر حوشان (@SHHAMA2012) April 30, 2022
“صاحبة مهندس إبادة”
وما سبق أشار إليه الباحث السوري والمعتقل السابق، محمد منير الفقير، حيث كتب عبر “فيس بوك”: “مرسوم العفو الجديد لصاحبه مجرم الحرب ومهندس الإبادة السورية بشار الأسد في توقيته بمثابة ورقة توت يستر بها السفاح عورته، إثر آخر جرائمه التي يتم الكشف عنها فظاعة ووحشية مجزرة حي التضامن الدمشقي”.
وتحدث الفقير عن “فرقين” يختلف بهما المرسوم الحالي عن سابقاته.
الفرق الأول هو أن “السفاح المسؤول عن مذبحة التضامن هو من يصدر عفواً عن ضحايا المذبحة لو قدر لبعضهم النجاة من القتل واكتفى جلادوهم برميهم في مجاهل صيدنايا ولم يشملهم استثناء المادة 305 وتفريعاتها، والتي تلازم كل مرسوم عفو لتستثني كل من شارك بالثورة ولو بكلمة”.
أما الثاني، تابع الباحث السوري: “العفو سيشمل المجرم أمجد اليوسف ورفاقه فيما لو تم اعتقالهم، كونه يتحدث عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ اليوم، ويستثني من قام بأعمال إرهابية تفضي إلى قتل إنسان. بالطبع ليس إرهابياً من يخدم في جيش الأسد وأجهزة أمنه”.
من جهته أشار المحامي السوري، عارف الشعال المقيم في العاصمة دمشق إلى أن “العفو الجديد عن جرائم الإرهاب غير مسبوق”.
وأوضح الشعال عبر حسابه في “فيس بوك”: “لأول مرة لم يشترط أن يسلم المطلوب نفسه للعدالة، شريطة عدم وجود قتل طبعاً”.