مع اقتراب موعد انعقاد المجلس الدوري لجامعة الدول العربية في الجزائر على مستوى قادة الدول في آذار المقبل بدأت التصريحات العربية تتزايد حول ضرورة “عودة سوريا” إلى “حضن الجامعة” وتصدرت الجزائر ومصر والأردن والإمارات هذه التصريحات، كل دولة من هذه الدول لها منطقها الخاص، فوزير الخارجية الجزائرية قال إنه يجب عودة سوريا إلى “الحظيرة العربية” لأن مقعدها هناك مضيفا أن الجزائر كانت في الأصل ضد شغور المقعد السوري، وهو ما دعمه الرئيس الجزائري تبون فيما بعد الذي قال إن سوريا يجب أن تعود إلى مقعدها، دون أن يدخل في أي نقاش حول لماذا تم تجميد مقعد سوريا؟ وماذا حصل اليوم حتى تعود إلى مقعدها، ربما حجة الجزائر هنا هي رفض فتح ملف الحرب السورية على الطريقة الجزائرية التي انتهت دون أي محاسبة أو مساءلة عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الجزائرية خلال ما يعرف بالعشرية السوداء بعد إلغاء نتائج الانتخابات عام 1990 التي فازت فيها وقتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وقد سبقت ذلك طبعا عدة خطوات من مثل فتح الإمارات سفارتها في دمشق في نهاية 2018، وقامت الأردن بإعادة سفيرها إلى دمشق. وفي تشرين الأول الماضي وعقب زيارة قام بها العاهل الأردني الملك عبد الله إلى واشنطن أجرى الملك اتصالا هاتفيا ببشار الأسد وهو الأول من نوعه منذ نحو عشر سنوات.
وبعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي دمشق دعا وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وقال إن بلاده التي ستستضيف الاجتماع المقبل للجامعة، في شهر آذار المقبل، تتطلع إلى إجماع عربي بهذا الشأن.
وكان وزير خارجية مصر، سامح شكري، قد اجتمع بوزير خارجية النظام، فيصل مقداد، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تسعى الدول العربية هذه إلى إعادة الأسد بالرغم من غياب أي نقاش حول تطبيق القرارات الدولية وفشل حكومة الأسد في الالتزام بأي من قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالانتقال السياسي في سوريا وعدم طرح فكرة المساءلة والمحاسبة رغم أن النظام قتل حرفيا مئات الألوف من السوريين عبر البراميل المتفجرة والغازات الكيماوية والقصف العشوائي والتعذيب والحصار والجوع وغيرها من وسائل الإبادة الجماعية التي استخدمها الأسد بحق السوريين.
ورغم أن الحجة التي يرددها البعض بأن إعادة الأسد إلى الحضن العربي يبعده عن إيران يدرك الجميع أن ذلك مستحيل عمليا وسياسيا حيث تسيطر الميليشيات الإيرانية على كثير من المواقع العسكرية وتحتكر كثيرا من القطاعات الاقتصادية والخدمية.
كما أن الأسد يختار إيران في أي مفاضلة، لا سيما أنها دعمته في أسوأ الظروف، في حين وقفت الدول العربية ضده وطردته من الجامعة.
لقد استطاعت الولايات المتحدة وعبر قانون قيصر منع إعادة إعمار ما دمره الأسد في سوريا، أي أن هذا القانون منع إعطاء الأسد عوائد جرائم الحرب التي ارتكبها ضد شعبه.
لكن يبدو أن سلبية إدارة بايدن في التعامل مع الملف السوري والتعامل معه فقط من زاوية المساعدات الإنسانية شجع هذه الدول العربية للتطبيع مع نظام الأسد، ورغم أن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، قد أوضح أن سياسة واشنطن في سوريا تهدف إلى مواصلة المساعدات الإنسانية، والتصدي لتنظيم “داعش” وإبقاء الضغوط على نظام الأسد ودعم اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية.
وأضاف: “ما لم نفعله، وما لا نعتزم فعله، هو إظهار أي دعم للجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات أو إعادة الاعتبار للأسد، أو إلغاء أي عقوبة ضد سوريا أو تغيير موقفنا من معارضة إعادة البناء في سوريا، إلا في حال حدوث تقدم غير قابل للإلغاء باتجاه الحل السياسي”.
لكن إدارة بايدن قررت عدم تنشيط دبلوماسيتها لمنع هذا التطبيع بين بعض الدول العربية ونظام الأسد، كما فعلت إدارة ترامب في السابق حيث أرسلت مبعوثيها إلى المنطقة محذرة إياهم من خطر العقوبات في حال اتخاذ أي خطوات تقارب مع نظام الأسد. وقد استغلت بعض الدول رغبة واشنطن بمساعدة الدول العربية المتضررة من الأزمة السورية مثل الأردن ولبنان للإعلان عن بعض خطوات التطبيع مع الأسد وأعلنت إدارة بايدن أنها لن تستخدم العقوبات المفروضة على التعامل الاقتصادي مع سوريا وفقا “لقانون قيصر” لمعاقبة مصر والأردن في سعيهما لإيصال إمدادات الطاقة من مصر عبر سوريا إلى لبنان.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت