“غرف الملح”..تحقيق يكشف طريقة “حفظ الجثث” في سجن صيدنايا
نشرت “وكالة الصحافة الفرنسية“، اليوم الخميس، تحقيقاً كشفت فيه وجود غرف مليئة بالملح في سجن صيدنايا بريف دمشق، لحفظ جثث المعتقلين بعد تصفيتهم.
وجاء تحقيق الوكالة بالتعاون مع “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، وعنونته بـ” غرف الملح”.
وقالت الوكالة إن “سجن صيدنايا يخلو من برادات لحفظ جثث معتقلين يسقطون بشكل شبه يومي فيه جراء التعذيب أو ظروف الاعتقال السيئة، ولجأت إدارة السجن على ما يبدو إلى الملح الذي يؤخّر عملية التحلّل”.
وأضافت أنه يوجد في السجن غرفتي ملح، هي بمثابة قاعات تُوضع فيهما جثث القتلى حتى يحين وقت نقلها.
وأجرت الوكالة مقابلات مع معتقلين سابقين، تم وضعهم في غرف الملح قبل نقلهم إلى المحكمة.
ويقول عبدو، اسم مستعار، إن الغرفة مستطيلة وطولها سبعة أو ثمانية أمتار وعرضها ستة أمتار، وأحد جدرانها من الحديد الأسود يتوسطه باب حديدي.
وتقع الغرفة في الطابق الأول من المبنى المعروف بالأحمر، وهو عبارة عن قسم مركزي تتفرع منه ثلاثة أجنحة.
أما الغرفة الثانية طولها خمسة أمتار وعرضها أربعة أمتار ولا يوجد فيها حمام، وتقع في الجناح نفسه من الطابق الأول، حسب ما قال معتصم عبد الساتر (42 عاماً).
ويقول عبد الساتر، بعد إدخاله إلى الغرفة، “غرقت قدمي في مادة خشنة. نظرتُ فإذا به ملح بعمق 20 إلى 30 سنتمتراً”، مشيراً إلى أنه نوعية الملح هو “صخري” الذي يستخدم لإذابة الثلج المتراكم في الشوارع.
ويضيف “وقعت عيناي على أربع أو خمس جثث ملقاة في المكان، كانت الجثث تشبه المومياء، وكأنها محنطة..كانت عبارة عن هيكل عظمي مكسوٍ باللحم يمكن ان يتفكّك في أي لحظة”.
من جانبه أكد رئيس رابطة معتقلي صيدنايا، دياب سرية، إن الغرف استخدمت لتجميع جثث الأشخاص الذين قضوا تحت التعذيب أو توفوا جراء الأمراض أو عمليات التجويع.
وأضاف للوكالة، أن النظام كان يبقي على الجثث داخل المهاجع بين يومين وخمسة أيام إلى جانب المعتقلين، كأحد أساليب العقاب، قبل نقلها إلى غرف الملح لـ”تأخير تحلّلها”.
وتبقى الجثث داخل غرف الملح لمدة يومين قبل نقلها إلى إلى مستشفى عسكري، لتوثيق الوفاة ثم إلى مقابر جماعية، حسب سرية.
ويرى الأستاذ المساعد في علم التشريح في جامعة “بوينت لوما” في كاليفورنيا، جوي بلطا، أن الملح يتيح حفظ فترات أطول للجثث لعدم تحللها، كون “لدى الملح القدرة على تجفيف أي نسيج حي عبر امتصاص المياه، ما يقلّل من تكاثر الميكروبات”.
ويقول بلطا للوكالة، إن الملح يُغد “أحد مكوّنات عمليات التحنيط التي اشتهر بها الفراعنة، إذ كانت توضع الجثث داخل محلول يُسمى النطرون، ويتألف أساساً من ملح كربونات الصوديوم”.
ويُعتبر سجن صيدنايا (30 كيلومتراً شمال العاصمة دمشق)، من أسوأ السجون السورية سمعة، حيث خصصه نظام الأسد للمعتقلين السياسيين، وأُطلقَ عليه اسم “المسلخ البشري”.
ووصفت منظمة “العفو الدولية” هذا السجن، بأنه “المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.