قصف مطار دمشق..الهدف ودلالات الإغلاق
رغم مرور ما يزيد عن يومين من الهجوم الإسرائيلي الأشرس على مطار دمشق، إلا أن تفاعلات هذا القصف ما تزال مستمرة، لما تحمله من دلالات وسياقات مهمة، حول المرحلة التي وصل إليها الصراع الإسرائيلي الإيراني في سورية، وتأثيرات الحرب الروسية في أوكرانيا، على الواقع السوري.
البيان الصادر عن “المؤسسة العربية السورية للطيران”، اليوم الأحد، الذي تضمن إلغاء كافة الرحلات المبرمجة خلال الأسبوعين القادمين ربما يدلل على الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمطار، مؤكدة ما نشرته شركة أقمار صناعية إسرائيلية، وقالت فيها إن مدرجي المطار ربما تعرضا للقصف 3 مرات.
أصدرت خطوط #السورية_للطيران تعميماً علّقت فيه جميع رحلاتها من وإلى #مطار_دمشق_الدولي حتى إشعار أخر، موضحة أنها ستُعيد قيمة التذاكر إلى المسافرين، وتعويضهم تكلفة فحص كورونا (PCR) بسبب خروج المطار عن الخدمة جراء القصف الإسرائيلي الأخير.#صوت_العاصمة #سوريا #دمشق #مطار_دمشق pic.twitter.com/HFt4dIFjUj
— صوت العاصمة (@damascusv011) June 12, 2022
نشرت شركة أقمار صناعية إسرائيلية صورا تظهر تعرض #مطارـدمشق لأضرار جسيمة بعد استهدافه بغارة إسرائيلية، الجمعة.
وقالت الشركة إن مدرجي مطار دمشق بديا وكأنهما قد تعرضا للقصف ثلاث مرات.
وبحسب الشركة فإن الضربات أثرت على المدرج بشكل ملحوظ وتسببت بعرقلة هبوط الطائرات الكبيرة. pic.twitter.com/HJCMLrrLlY
— قناة الحرة (@alhurranews) June 11, 2022
العديد من الآراء، تفاوتت في رؤيتها للحدث، وإن اتفقت جميعها على أن هذا التطور هو الأول من نوعه، وله دلالاتٌ كثيرة.
ورأى الباحث في الشأن الإسرائيلي، الدكتور صالح النعامي، في تغريدة له على تويتر، أن “استهداف إسرائيل مدرجات مطار دمشق الدولي وتعطيله (..) تصعيد غير مسبوق، يشي بأن الغزو الروسي لأوكرانيا حسّن من قدرة إسرائيل على العمل أكثر في سورية، بخلاف مخاوفها السابقة”.
وأشار النعامي في معرض تعليقه على الهجوم، إلى ما وصفه بـ”انكشاف هشاشة روسيا في أوكرانيا، وتورطها هناك، جعل إسرائيل أكثر جرأة في سورية”.
استهداف إسرائيل مدرجات مطار دمشق الدولي وتعطيله بحجة مواجهة تهريب السلاح إلى حزب الله تصعيد غير مسبوق يشي بأن الغزو الروسي لأوكرانيا حسن من قدرة إسرائيل على العمل أكثر في سوريا، بخلاف مخاوفها السابقة.
انكشاف هشاشة الروس في أوكرانيا وتورطها هناك جعل إسرائيل أكثر جرأة في سورية.
— د.صالح النعامي (@salehelnaami) June 11, 2022
الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، قال لـ”السورية نت”، إن “روسيا استخدمت نفوذها في سورية، لإرسال رسائل واضحة لإسرائيل من خلال سحب قواتها من مناطق تعتبر مهمة للأخيرة، لتحل بدل عنها إيران”. رافضاً تأييد من يردد، أن سبب ذلك “ضعف روسي في سورية”.
ويرى شعبان، أن إسرائيل أرسلت بدورها رسالة لروسيا، مفادها:”إذا بقيت التحركات الروسية الميدانية تسير في هذا الإطار، فإن تل أبيب ستستمر في قصف المطار”.
ودلل شعبان على كلامه، من خلال تعمد إسرائيل “قصف المطار بطريقة تقنية، وبثلاث ضربات متتابعة وبمسافات تكاد تكون متقاربة، بهدف إحداث تدمير لوجستي وشلل لحركته”.
دلالات الإغلاق
بدوره، الباحث في العلاقات الدولية، محمود إبراهيم، كان له توجه آخر فيما يتعلق بإيقاف العمل داخل المطار، مبيناً أن إيقافه “سببه غالباً تنفيذ عمليات إخلاء، ونقل مواد متضررة، وليس بسبب خروجه عن الخدمة حسب ما أُشيع، وبالتالي خلال الـ15 يوم القادمة، سيكون هناك تنظيف ما تم قصفه، وتغيير تموضع الحرس الثوري في المطار”.
وفي هذا الإطار يضيف لـ”السورية نت”، أن “القصف بعدة صواريخ، لا يمكن أن يُخرج مطاراً بحجم مطار دمشق عن الخدمة، أو أن يُعطل مدارجه”، منوهاً إلى أن للمطار “مدارج بديلة، وهي فعالة بطاقة تصل إلى 70% مقارنة بالمدارج الأصلية”.
وعبر إبراهيم في سياق متصل، عن رفضه لوجهة النظر القائلة، إن “الضعف الروسي في سورية، دفع إسرائيل لهذا الهجوم”. واصفاً هذا الرؤية بـ”المضللة والمخادعة”، وتخدم النظام الإيراني و”حزب الله”.
وأضاف: “القصف وتحديد المواقع تم بالاتفاق مع الروسي، بعد تحييد وعزل قوة سبيتسناز المرابطة في جزء من المطار”.
وقوة “سبيتسناز “، حسب ابراهيم، مصطلح مختصر لتوصيف “قوة الأغراض الخاصة من القوات الخاصة”، وهو يطلق على مجموعات عمل خاصة شبه نظاميّة، أنشأها مجلس السوفيت الأعلى، ثم طورتها روسيا الاتحاديّة، والقوّة الموجودة في مطارات سوريّة تتبع لها، بإشراف وزارة الطوارئ الروسية.
استشعار للخطر
أبعاد القصف الإسرائيلي، الذي ترك أثراً غير مسبوق هذه المرة، دفع العديد من الكتاب والمحللين الموالين للنظام السوري، إلى استشعار خطره وأبعاده.
ويقول الإعلامي الموالي للنظام، أسعد عبود في هذا الإطار، وبعد أن ذكّر بهجوم إسرائيلي سابق استهدف ميناء اللاذقية: “ضرب المطارات و الموانئ البحرية، لا يحصل عادة بالاعتداءات المحدودة لتوصيل رسالة، انما هو مؤشرات الحرب المفتوحة .. لكن بيانات خطيرة حملتها الضربتان”.
وهاجم العبود، في هذا المجال، مواقف حلفاء الأسد، واصفاً اعتراضاتهم بأنها “باردة وخجولة، ربما تشتهي أن تكون صامتة”.
وكان المطار الدولي قد تعرض، فجر أمس الأول الجمعة، لقصف إسرائيلي، ما أسفر عن تضرر المدرجين الرئيسيين فيه، بحسب صور أقمار اصطناعية نشرها مراقبون ومختصون.
وهذا الاستهداف الإسرائيلي هو الـ15 منذ مطلع العام الجديد 2022، إذ ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إنه “طال مستودعات لميليشيات إيران بمحيط مطار دمشق الدولي”.
وقال إن “القصف كان جوياً واستهدف مطار دمشق الدولي، بينما حاولت المضادات الجوية في سفوح جبل قاسيون التصدي بالصواريخ”.
وهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها المطار عن الخدمة لجميع الرحلات، بسبب الضربات الجوية، وفق شركة “Aurora Intel” الأمريكية.
If my memory serves me correctly this would be the first time the airport has been out of commission to all flights for the first time due to airstrikes. https://t.co/BG0caB8YDz
— Aurora Intel (@AuroraIntel) June 10, 2022
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق من إسرائيل، التي طالما التزمت الصمت في جميع الضربات التي نفذتها في سورية، وتعلن عادة على لسان مسؤوليها، أنها تستهدف في الداخل السورية، مواقع تابعة للقوات والميليشيات الإيرانية.