قلق متزايد من كثافة القصف والتصريحات..كيف يخمّن سكان إدلب مستقبل المحافظة؟
رغم أن قوات النظام وروسيا تواصل منذ أشهر تصعيدها بالقصف لمناطق كثيرة من محافظة إدلب، وخاصة قرى وبلدات جبل الزاوية، إلا أن كثافة الهجمات مؤخراً، يثير مخاوف السكان في مناطق شمال غرب سورية، إذ يعتقد كثير منهم أن هذا السيناريو يتشابه مع مقدمات حملات عسكرية برية، خاصة أن وسائل إعلام النظام تشير فعلاً إلى ذلك.
وما يزيد المخاوف، أّنّ الهجوم البري ـ وفقاً لحملات سابقة ـ يأتي بعد تمهيدٍ طويل من القصف الجوي والصاروخي الذي يستهدف أحياء سكنية ومراكز حيوية من نقاط طبية ومستشفيات ومراكز للدفاع المدنيّ، في محاولة لإعدام شتى سبل الحياة في المنطقة المستهدفة وتفريغها من أهلها، قبل أن تشرع قوات الأسد والميليشيات الموالية لها ومن فوقها الطائرات الروسية بسياسة الأرض المحروقة وتبدأ بالزحف البريّ، وهو ما تحذّر منه المعارضة منذ بدء التصعيد القائم، مطلع شهر يونيو/ حزيران الماضي.
ووثق فريق “منسقو الاستجابة” حوالي 483 خرقاً خلال شهر سبتمبر/أيلول الجاري، من قبل قوات الأسد وروسيا في منطقة شمال غربي سورية، وقال في بيان صحفي قبل أيام إنّ “هناك توجه واضح لنية قوات الأسد وروسيا إعادة العمليات العسكرية في المنطقة والسيطرة على مساحات جديدة في خرق للاتفاقات المتعلقة بوقف إطلاق النار”.
وبالتزامن مع تصاعد وتيرة القصف والتصعيد، تأتي التصريحات الروسيّة منسجمة مع نشاط طائراتها في أجواء المحافظة، إذ هدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي في نيويورك قبل أيام، بالتصعيد في إدلب وإيقاف إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وقال لافروف خلال مشاركته في الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن “ثمة بؤرة إرهابية واحدة متبقية في سورية بإدلب، ولا مشكلة بمكافحة الإرهاب هناك”.
ولا تأتي الرسائل الروسية، سياسية فقط إذ تترافق مع تصعيد بالقصف الجوي، حيث أسفرت آخر هذه الهجمات الروسية، عن مقتل وجرح 17 عنصراً من “الجبهة السورية للتحرير” بقصف معسكرٍ لها في ريف مدينة عفرين، وهو ما اعتبره محللون حدثاً يعكس عمق الخلاف بين الجانبين الروسي والتركي.
وبين التصعيد المستمر، وتصريحات الوعيد بالهجوم و”مكافحة الإرهاب” على حدّ زعم الروس، تتزايد المخاوف بين السكان من هجوم بري جديد يقضم مناطق إضافية جنوبي المحافظة، وهو ما يعني موجات نزوح ونكبات جديدة للسكان في إدلب.
كيف يتابع الأهالي المستجدات؟
ويفكر كثير من السكّان سواء كانوا مهجّرين أومقيمين، تخمين المستقبل القريب للمنطقة من خلال تحليلات واحتمالات حول مآل الهجمات والتصعيد، وعلى أساسها يفترضون مصيرهم أو التحركات التي عليهم القيام بها، إذا ما تصاعدت هجمات النظام وروسيا ووصلت حد العملية العسكرية البرية.
سلطان الأطرش وهو مهجّر مقيم في مخيمات شمالي إدلب، يعتبر “تصعيد روسيا محاولة لترجيح كفتها في الاجتماع القادم بين الرئيسين أردوغان وبوتين في سوتشي، وللضغط على تركيا للتذكير بما هو مترتب عليها من بنود اتفاق 5 مارس/ آذار 2020 من افتتاح طريق حلب ـ اللاذقية الدولي (M4) وتأمينه”.
ويعتقد الأطرش في حديثه لـ”السورية.نت”أنّ “التصعيد يحمل في طياته هجوماً برياً محدود النطاق يستهدف جنوب الطريق الدولية (M4) من قبل قوات الأسد وروسيا، إضافةً إلى كسب مصالح أكبر على مستوى الملف السوري”.
ولا يخفي محمد ككو، وهو من مهجري منطقة قلعة المضيق غربي حماة، تخوفاً حقيقاً من التصعيد العسكري القائم، بناءً على تجارب سابقة لروسيا وقوات الأسد في قضم المناطق بعد استهدافها واتباع سياسة الأرض المحروقة.
ويقول محمد لـ”السورية.نت”، إن “النظام وروسيا لا عهدَ لهم ولا ميثاق، وخلال الهجوم الأخير خرقوا جميع الاتفاقات الموقّعة وسيطروا على مساحات واسعة إلى أنّ وصلت القوات إلى مدينة سراقب وفصلتها كيلو مترات قليلة عن مدينة إدلب”.
ويتوقع ذات المتحدث أن “قوات الأسد وروسيا، ربما لا تكتفي في هذه الحملة بالسيطرة على مناطق محدودة من جبل الزاوية والطريق الدولية، بل ربما ستزحف نحو مناطق أوسع ولن تكتفي بهذه المنطقة لأنها سياسة قديمة ـ متجددة بالنسبة لها”.
ويضيف أنه وكثير من المحيطين به يشعرون بقلق كبير و”الحالة النفسية هنا سيئة جداً لدى معظم السكان(..)الجميع يفكّر في المصير المجهول الذي ينتظر المنطقة”.
بينما بشار دياب، وهو مهجر يقيم في مخيم “جنة القرى” على الحدود السورية ـ التركية، يذهب إلى أّن “التصعيد ربما يكون مجرد ضغط من قبل روسيا لتحقيق مكاسب جديدة خلال تفاوضها مع تركيا، إلا أنّ الهجوم البري احتمال وارد بكل الأحوال بسبب مطامع روسيا المستمرة في المنطقة”.
ويضيف لـ”السورية.نت”، أنه “من الممكن أن يستمر الوضع القائم في المنطقة على حاله، مقابل الضغط من أجل افتتاح المعابر والطرق التجارية بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة قوات الأسد”.
فيما يرى يوسف حمادة من أهالي بلدة “حزانو” شمالي إدلب، تمديد اتفاق وقف إطلاق النار خلال القمة القادمة بين بوتين ـ أردوغان، و”ما يجري الآن من تصعيد هو محاولات ضغط لا أكثر” على حدّ قوله.