كورونا ومرسوم عفو نظام الأسد..استباقٌ أم ضغوط؟
أصدر رئيس النظام، بشار الأسد، مرسوم عفو عن الجرائم المرتكبة قبل اليوم الأحد، الأمر وهو ما جاء مفاجئاً للمراقبين، كونه جاء بعد ستة أشهر فقط، من مرسوم مماثل، لا يختلف عن الحالي إلا باستثناء بعض المواد والأحكام.
ورصد فريق “السورية. نت” الفروقات بين المرسوم الحالي والمرسوم السابق، الصادر بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول العام الماضي.
وتماثل المرسومان من حيث المواد الداخلة في العفو، سواء فيما يتعلق بقانون العقوبات العام 148 لعام 1949، أو القانون رقم 19 لعام 2012، والذي يعرف بـ”قانون الإرهاب”.
ويوضح الجدول التالي الفروقات بين المرسومين
المرسوم الحالي | المرسوم السابق |
العفو عن كامل العقوبة المؤبدة أو المؤقتة للمحكوم عليه بحكم مبرم الذي بلغ السبعين من عمره، إلى جانب المعتقل المصاب بمرض عضال دو ن شفاء. | العفو عن كامل العقوبة المؤبدة أو المؤقتة للمحكوم عليه بحكم مبرم الذي بلغ الخامسة والسبعين من العمر، والمصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء. |
حذف المادة 303 |
العفو الكامل عن الجرائم المرتكبة في المادة 303 والتي تعاقب مع يحرض السوريين على حمل السلاح أو من يقتني أسلحة ومواد متفجرة. |
كامل العقوبة في الفقرة 2 من المادة 7 التي تنص على معاقبة بالأشغال الشاقة لكل من ارتكب عمل إرهابي أحدث صوتاً فقط | نصف العقوبة عن مرتكبي الجريمة في الفقرة 2 من المادة 7.
|
إضافة المادة 8 من قانون الإرهاب التي تنص على العفو عمن وزع مطبوعات أو معلومات مخزنة بقصد الترویج لوسائل. الإرهاب أو الأعمال الإرهابیة. |
كما شمل المرسوم الحالي بعض التعديلات على مدة العفو (نصف العقوبة أو كامل العقوبة)، فيما يتعلق بالتعامل بغير الليرة السورية، أو مخالفات البناء.
لكن اللافت في المرسوم الحالي، كان في تقليص عمر المعتقل المُعفى عنه من 75 إلى 70 عاماً، ما يطرح إشارات الاستفهام حول الأمر، خاصة أنه جاء عقب مطالبات حقوقية ودولية، إلى بعض الدول مثل إيران ومصر وسورية، للإفراج عن المعتقلين، خوفاً من تفشي فيروس كورونا بينهم.
وأصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش“، الاثنين الماضي، بياناً قالت فيه إنه “بينما تكافح دول العالم لاحتواء جائحة فيروس كورونا، لا يسعنا سوى التفكير في تداعيات الفيروس على الأكثر عرضة بيننا: المحتجزون والنازحون، قد يكون وضع هؤلاء كارثياً في سورية التي تضم أعداداً هائلة من كلا الفئتين”.
وطالبت المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة، بالضغط على نظام الأسد، من أجل الوصول إلى السجون لتزويد المحتجزين بمساعدات تنقذ حياتهم.
كما وجّه رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة، أنس العبدة، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بخصوص المعتقلين في سجون نظام الأسد والخطر الذي يواجههم جرّاء تفشي فيروس كورونا.
وحذر العبدة في نقل الفيروس وتفشيه بين المعتقلين، ما يهدد بحدوث “كارثة قد يستغلها النظام للتخلص من المعتقلين”.
ودعا رئيس الائتلاف الأمم المتحدة إلى الضغط على النظام لإجباره على السماح للمنظمات المعنية، مثل الصليب الأحمر، للوصول إلى السجون والأقبية من أجل التأكد من أوضاع المعتقلين.
من جهتها ناشدت “هيئة القانونين السوريين”، منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسورية، لإرسال لجان تفتيش ولجان طبية خاصة لزيارة معتقلات.
ضغوط دون تنفيذ؟
وربط مؤسس ورئيس “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، بين إصدار المرسوم وبين الضغوطات التي تمارس على النظام من أجل إطلاق سراح المعتقلين بسبب فيروس كورونا.
وقال عبد الغني لـ”السورية. نت” إن “النظام مورس عليه ضغوطات بسبب انتشار كورونا من دول ومؤسسات ومنظمات دولية، ومن أجل التخلص من الضغط أصدر مرسوم العفو، لكن ليس بهدف الإفراج عن المعتقلين”.
وأضاف عبد الغني أن المرسوم ليس له قيمة حقيقة، كون النظام كل عام يصدر مثل هذه المراسيم، لكن دون إفراج حقيقي عن المعتقلين، مشيرًا إلى أن المرسوم الحالي لا يعكس بأن النظام سيفرج عن أعداد كبيرة المعتقلين، وإنما من أجل التخلص من الضغوط عليه فقط.
وأكد عبد الغني أن النظام لم يفرج، وفق مرسوم العفو الماضي، إلا عن 200 شخص فقط، أغلبهم موقوفون بحكم جنائية أو شبهات بسيطة، لم يمض على اعتقالهم بضعة أشهر، أما المعتقلين السياسيين، والذين شاركوا بالحراك الثوري وطالبوا بالتغيير السياسي، لم يتجاوز أعداد المفرج عنهم أصابع اليد الواحدة.
وأشار إلى أن عدد المعتقلين في سجون نظام الأسد أكثر من 140 ألف معتقل(موثق)، فإذا تسببت مراسيم العفو في الإفراج عن 400 معتقل في العام فقط، فإننا بحاجة إل 350 عامًا للإفراج عن كامل المعتقلين، متوقعاً عدم الإفراج عن معتقلي الرأي والذين شاركوا بالثورة وفق المرسوم الحالي.
ومن المتوقع أن تبدأ وسائل إعلام النظام بالتغني بـ”المكرمة” التي أصدرها الأسد خوفاً على المعتقلين، بحسب عبد الغني، على الرغم من أن إصدار مراسيم العفو من اختصاص السلطة التشريعية وليست التفيذية، التي تهيمن على التشريعية، ما يعتبر تغييراً في القوانين في سورية.
ويأتي ذلك في ظل انتشار كورونا في دول الجوار، لبنان والأردن والعراق، في حين ما زال نظام الأسد ينفي وجود أي إصابة حتى الآن، رغم وجود تقارير إعلامية وحقوقية تؤكد وجود إصابات.
واتخذ نظام الأسد إجراءات مشددة لمنع تفشي الفيروس، منها تعليق العملية التعليمية، والعمل في المؤسسات الحكومية، وإغلاق الأسواق والمحلات التجارية باستثناء الصيدليات والإنتاجية.