مع وصول مئات آلاف النازحين إلى الحدود السورية-التركية، في الأسابيع القليلة الماضية، وبقاء عدد كبير منهم في العراء، رغم انخفاض درجات الحرارة، ووجود أطفال ونساء، ظهرت العديد من التساؤلات، حول أسباب تقصير المنظمات الإنسانية؛ المحلية منها والدولية، عن مجاراة الكارثة، وتأمين خيمٍ ومساعدات غذائية للنازحين.
وفي حين وصل عشرات الآلاف من أهالي ريفي إدلب وحلب، إلى مناطق عفرين و”درع الفرات” وقرى ريف إدلب الشمالي، إلا أن عدد كبير منهم، لم يتمكن من إيجاد سكنٍ مؤقت، وفق ما أكدته العديد من المصادر الميدانية، التي تواصل معها موقع “السورية.نت” في هذه المناطق.
وأكد علاء نعنوع، وهو أحد النازحين حديثاً من قرية معارة النعسان في ريف إدلب، إلى مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، أن المساجد ومساكن الايواء المؤقتة والمدارس ممتلئة بالنازحين، ولم يتوفر أي سكن لهم، ما دعاه للعودة مع عائلته إلى مخيم أطمة، والاقامة مع أحد أقربائهِ في خيمة واحدة.
من يمنع المنظمات؟
وشَكَتْ عدةُ منظمات إنسانية، منعها من قبل بعض الجهات المحلية، افتتاح مخيمات جديدة، بدعوى عزم تركيا إعادة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم.
وقال عاطف نعنوع، مدير “فريق ملهم التطوعي”، في منشور بصفحته على “فيس بوك” يوم 13 فبراير/شباط الجاري، إن هناك قرار بعدم إقامة مخيمات في مدن الشمال السوري.
للأسف نحن لا نملك من أمرنا شيءهناك قرار بعدم إقامة مخيمات في مدن شمال سوريا ! بدون أي ضغط من أعيان هذه المدن لحماية…
Posted by عاطف نعنوع on Wednesday, February 12, 2020
وأضاف:”للأسف نحن لا نملك من أمرنا شيئ، هناك قرار بعدم إقامة مخيمات في مدن شمال سورية، بدون أي ضغط من أعيان هذه المدن، لحماية أهلنا من المناطق النازحة”.
وألقى نعنوع باللوم على المنظمات الإنسانية، في تجاهل معاناة آلاف المدنيين، وعدم الضغط على أصحاب القرار قائلاً:”مدراء المنظمات يخافون على ترخيص منظماتهم، مدراء المجالس المحلية يخافون على مناصبهم، قادة الفصائل!!!! نحن ممنوعون من إقامة مخيمات على أرضنا”.
وحول أسباب إيقاف إقامة مخيمات جديدة للنازحين، رأى أحمد أبو شعر، مدير البرامج في “فريق ملهم”، أنّ الكارثة الأخيرة أكبر من قدرات المنظمات الانسانية المحلية، في حين تحتاج المنظمات الدولية لوقت طويل للاستجابة للأحداث الجديدة بسبب الروتين الكبير الذي يحكم عملها.
وأوضح أبو شعر، في حوارٍ مع “السورية.نت”، حول أسباب عدم تحرك المنظمات لبناء مساكن جديدة، أن “انشاء مخيمات في مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات، يحتاج لموافقة من الجانب التركي، وهو ما لم يحصل حتى الآن”، مشيراً أن هذه المناطق “لم تشهد إقامة أي مخيم جديد، رغم أعداد النازحين الكبيرة”.
وتابع الناشط الإغاثي” أما بالنسبة لمحافظة إدلب فإن غياب التمويل الكافي هو السبب الأساسي الذي منع المنظمات من إقامة مخيمات جديدة، حيث يحتاج كل مخيم لتكاليف كبيرة تبدأ من استئجار الأرض، ومد شبكات صرف صحي، وفرش الأرضية بالحصى، ومصاريف أخرى تفوق قدرة المنظمات المحلية”.
وسيلة ضغط
في السياق ذاته، تحدث مسؤول إغاثي يعمل في منظمة انسانية فاعلة في الشمال السوري، عن معوقاتٍ وضعتها “حكومة الإنقاذ”، بـ “ضغط من تركيا” لعدم إقامة مخيمات جديدة للنازحين قرب الحدود السورية التركية.
وأوضح المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، أن “هيئة إدارة المهجرين” التابعة لـ “الإنقاذ” والمسؤولة عن الملف الإغاثي، منعت المنظمة التي يعمل بها، من إقامة مخيم جديد، مؤلف من 500خيمة قرب بلدة أطمة، بحجة عدم اكتمال الدراسة.
وأضاف المسؤول، أن هذه المشكلة واجهت العديد من المنظمات الانسانية مؤخراً، وعزا السبب إلى “محاولة الإنقاذ الضغط على تركيا وإرسال النازحين الجدد إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون لإيجاد حل للوضع الراهن”.
ولفت المسؤول الإغاثي في حديثه، إلى أن بعض الخيم العشوائية التي أقامها بعض النازحين في أماكن عشوائية، جرى إزالتها، والطلب من أصحابها اتخاذ أماكن جديدة.
وكان “فريق منسقو الاستجابة في سوريا” أعلن يوم الخميس 13 فبراير/شباط الجاري، في بيان له، وفاة 9 مدنيين نازحين في مخيمات شمال سورية، منذ مطلع الشهر الجاري، نتيجة البرد القارس وسوء التدفئة.
أكثر من تسعة حالات وفاة في المخيمات نتيجة البرد والحروق والاختناقات، في ظل استمرار موجات النزوح للمدنيين من أرياف ادلب…
Posted by منسقو استجابة سوريا on Thursday, February 13, 2020
وناشد الفريق في بيانه، المنظمات الإنسانية لمساعدة النازحين في المخيمات، في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، وعدم قدرة النازحين على تحمل تكاليف التدفئة ضمن المخيمات.
يشار إلى أن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، ذكر يوم 14 فبراير/شباط الجاري، أن عدد النازحين في شمال غربي سورية، تجاوز الـ 800 ألف شخص منذ مطلع ديسمبر/كانون أول الماضي، 60% منهم أطفال وبعضهم قضى بسبب البرد القارس.