لصالح مَن صوتت المدن التركية خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؟
بعد فرز 99.38% من أصوات الناخبين في تركيا، يبدو أن المسار يتجه نحو عقد جولة انتخابية ثانية، بين المرشحيَن الحاصلين على أكبر نسبة أصوات، وهما رجب طيب أردوغان، وكمال كليشدار أوغلو.
وفيما حُسمت نتائج الانتخابات البرلمانية لصالح “حزب العدالة والتنمية” بواقع 266 مقعداً، مقابل 168 مقعداً لـ “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، لم يستطع الناخبون حسم نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح أي من المرشحين الثلاثة.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها عقد جولتين من الانتخابات الرئاسية، منذ تأسيس الجمهورية التركية قبل 100 عام تقريباً.
إذ يشترط قانون الانتخابات التركي حصول أحد المرشحين على الغالبية الصغرى للفوز بالرئاسة، أي نسبة 50% من أصوات الناخبين، وهو ما لم يحدث خلال الجولة الأولى، بعد حصول أردوغان على 49.42% مقابل 44.95 لـ كلشدار أوغلو.
ومع قرب انتهاء فرز الأصوات، لصالح مَن صوتت المدن الكبرى خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؟
تحدي المدن الثلاث
بالحديث عن أكثر الولايات تأثيراً على العملية الانتخابية في تركيا، يخص المحللون بالذكر كلاً من اسطنبول وأنقرة وإزمير، وهي مدن خرجت عن سيطرة “حزب العدالة والتنمية” وخضعت إدارياً للأحزاب المعارضة خلال السنوات الماضية.
وخلال انتخابات أمس الأحد، رجحت الكفة في كلٍ من اسطنبول وأنقرة لصالح مرشح المعارضة، بفارق ضئيل عن أردوغان، فيما كان الفارق كبيراً في إزمير، التي تعتبر أكبر معاقل المعارضة.
وحصل كلشدار أوغلو على 48.6% من أصوات الناخبين في اسطنبول بعد فتح 100% من الصناديق، مقابل 46.7% لأردوغان.
وفي أنقرة حصل كلشدار أوغلو على 47.3% من الأصوات مقابل 46% لأردوغان بعد فرز جميع الأصوات، فيما منح ناخبو إزمير 63.3% من أصواتهم لكلشدار أوغلو مقابل 31.5% لأردوغان.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مرشح المعارضة أحرز تقدماً على أردوغان في المدن الساحلية التركية (الواقعة على البحر المتوسط)، مثل إزمير ومرسين وأضنة وأنطاليا، والتي تعتبر معقل المعارضة التركية.
الوسط “التركي” والشرق “الكردي”
وفي مناطق وسط تركيا، أظهرت عمليات الفرز تقدماً لمرشح “حزب العدالة والتنمية”، رجب طيب أردوغان، على حساب المعارضة، خاصة في المدن الكبرى مثل قونيا وقيسري وأرضروم وسواس.
وكذلك تقدم أردوغان في مدن الشمال التركي المطل على البحر الأسود، مثل طرابزون وريزا وسامسون وسكاريا وغيرسون.
أما في مدن وولايات شرق تركيا، ذات الغالبية الكردية، رجحت كفة مرشح المعارضة على حساب أردوغان، خاصة في مدن ماردين وفان وديار بكر وشرناق.
ويرجع الأمر إلى إعلان “حزب الشعوب الديمقراطي” (الكردي) في تركيا، دعمه لمرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية قبل أسابيع.
و”الشعوب الديمقراطي” هو الجهة السياسية الأكبر والأحدث، الممثلة عن الأكراد في تركيا، ويواجه اتهامات بأنه الواجهة السياسية لـ “حزب العمال الكردستاني”، المصنف “إرهابياً”.
مناطق الزلزل تحسم كلمتها
بعد جدل حول أهمية الأصوات في المناطق التي ضربها الزلزال المدمر، في فبراير/ شباط الماضي، ودورها في حسم نتيجة الانتخابات، أشارت الإحصائيات النهائية إلى تقدم كبير لصالح أردوغان على حساب مرشح المعارضة.
ففي مدينة كهرمان مرعش، التي كانت مركز الزلزال، حصل أردوغان على نسبة كبيرة مقارنة بباقي المناطق، وهي 71.9% مقابل 22.2% فقط لكلشدار أوغلو.
وفي عثمانية حصل أردوغان على 62.3% مقابل 30.7% لمرشح المعارضة، وفي أديمان حصل الأول على 66.2% مقابل 31.2% للأخير.
أما في غازي عنتاب، حصل أردوغان على 59.8% مقابل 34.6% لـ كلشدار أوغلو، وفي ملاطيا حصل على 69.4% مقابل 27% لمرشح المعارضة.
لكن في ولاية هاتاي، التي دمر الزلزال معظم مناطقها، تمكن كلشدار أوغلو، من تحقيق تقدم طفيف على حساب أردوغان، بحصوله على 48.1% مقابل 48%.
وكانت مناطق الزلزال تشكل تحدياً كبيراً لأردوغان، كونها تضم عدداً كبيراً من معارضيه، إلا أن محللون رأوا أن سكان تلك المناطق لا يستطيعون الوثوق بالمعارضة في مسألة إعادة بناء ما هدمه الزلزال.
وسبق أن تعهد أردوغان ببناء 319 ألف منزل قبل نهاية العام في تلك المناطق، محاولاً إقناع الناخبين بأنه “قادر على توجيه تركيا من خلال التعافي الناجح”.