في ظل التحركات والمباحثات الحاصلة حول عودة النظام السوري للساحة العربية، يبحث محللون في التنازلات التي يمكن أن يقدمها الأسد للدول العربية، لقاء هذه العودة، التي من شأنها أن “تستفز” المجتمع الدولي.
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قالت في تقرير لها، أمس الاثنين، إنه من المتوقع أن يقدم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تنازلات عدة لتمكينه من العودة إلى جامعة الدول العربية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين ومحللين أن الجدل ينتقل حالياً من قبول فكرة إعادة تأهيل الأسد، إلى التنازلات التي ستطلبها الدول العربية من دمشق.
وقال الخبير السوري في معهد الجامعة الأوروبية في إيطاليا، جوزيف ضاهر، إن التطبيع مع الأسد يبدو حتمياً بشكل متزايد.
وأضاف: “قد تكون هناك بعض الاختلافات بين الدول العربية، لكن هذه الاختلافات أخذت تتضاءل بشكل كبير، على حساب تنامي مصلحتها المشتركة في ترسيخ شكل من أشكال الاستقرار الاستبدادي الإقليمي”.
“لا رغبة للأسد بالتنازل”
خلال اجتماع عمّان التشاوري الذي انعقد، أمس الاثنين، بين وزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر والعراق، بحضور وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، جرى الحديث عن مقترحات وشروط عربية على النظام القبول بها في حال أراد العودة للجامعة العربية.
ومن بين تلك المقترحات، البدء بعملية سياسية “تضمن وحدة أراضي سورية”، وحل ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار، حسبما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مسؤول أردني رفيع، أمس.
إلا أن “فايننشال تايمز” نقلت عن مسؤول مطلع أن النظام لم يبدِ أي اهتمام بإجراء تسوية سياسية للملف السوري، مضيفاً: “السوريون يريدون استسلاماً كاملاً، حتى أنهم قد يطالبون باعتذار”.
وبحسب الصحيفة البريطانية لا تزال بعض الدول العربية مترددة بالموافقة على عودة النظام، ومن بين تلك الدول قطر والكويت، اللتين امتنعتا عن المشاركة بالخطط التي تقودها السعودية لدعوة الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية هذا الشهر.
وقال أحد الدبلوماسيين إن المفاوضات التي تجريها الدول العربية، ستختبر ما إذا كان الأسد “جاداً أم لا” بشأن العودة إلى الساحة الدبلوماسية العربية.
فيما قال دبلوماسي عربي آخر للصحيفة إن عودة سورية إلى الجامعة العربية “يجب أن تكون نتيجة جهد”، مضيفاً: “لقد توصلنا إلى إجماع حول القضايا التي يجب التركيز عليها، بما في ذلك المخدرات والقضايا الإنسانية واللاجئين، وهذه قضايا نريد من النظام أن ينجزها”.
وبهذا الصدد، قالت وزارة الخارجية الأردنية عقب اجتماع أمس، إن دمشق وافقت على العمل على خطوات “لإنهاء تهريب المخدرات” على الحدود مع الأردن والعراق، ومعالجة ملف اللاجئين والمفقودين والنازحين داخلياً.
ويرى خبراء أن الزعماء العرب لن يضغطوا على الأسد بشأن الانتهاكات التي ارتكبها خلال السنوات الماضية بحق الشعب السوري، لتجنب لفت الانتباه إلى سجلاتهم، لذا تحول التركيز إلى تجارة الكبتاغون التي تقودها عائلة الأسد في المنطقة.
وقالت كارولين روز، مديرة معهد “نيولاينز” للأبحاث، “لقد صعد الكبتاغون الآن إلى قمة جدول الأعمال في مناقشات التطبيع، وقد استخدم النظام تجارة الكبتاغون كوسيلة ضغط”، مضيفة: “لكنها مهمة أحمق التفكير في أنهم سيوقفونها”.
فيما ترى دارين خليفة، محللة الشؤون السورية في “كرايسز جروب”، أن النظام السوري أثبت مراراً أنه غير مستعد للانخراط في حل سياسي، “هذه ليست الطريقة التي يعمل بها الأسد “، ما يترك الأسئلة الرئيسية دون معالجة، حسب تعبيرها.