خلال السنوات الأخيرة، لم يعد بالإمكان الحديث عن أغلب الأخبار المتعلقة باللاجئين السوريين في تركيا، دون ذكر اسم أوميت أوزداغ، إن لم يكن هو العنصر الرئيس في الخبر ذاته.
اليوم صباحاً أعلن القومي المتطرف أوميت أوزداغ في مؤتمر صحفي، دعمه رسمياً لمرشح الرئاسة كليجيدار أوغلو، وجاء في نص تفاهم الطرفين، الاتفاق على ترحيل السوريين من تركيا خلال سنة واحدة.
#متداول | انتقادات لرئيس حزب النصر التركي "أوميت أوزداغ" بعد أن نشر مقطعا مرئيا على حسابه الرسمي عبر تويتر ،يُظهر دخوله لمحل صائغ سوري في ولاية أزمير ويطلب منه هويته ولوحته الضريببة وأوراقه.
بعد انتشار المقطع تصدرت وسوم "عنصري" و "سوري" و "فاشي" حسابات مستخدمي تويتر في تركيا. pic.twitter.com/Ky8p7If8MA— سهيل المصطفى (أبو قدس) (@SohailMoustafa) December 28, 2021
السياسي القومي المتطرف المعروف بمعارضته لوجود السوريين في بلاده، فرض نفسه في دائرة الحدث التركي، بتصريحات وتحركات و”أكاذيب” اعتبرها الكثيرون استفزازية، وتستوجب الرد، ليس فقط من قبل السوريين الذين استُهدفوا في أغلبها، بل ومن قبل مسؤوليين وسياسين أتراك، ومؤسسات رسمية تركية.
مواطن تركي في ألمانيا يصدم العنصـ ـري أوزداغ برد ناري. pic.twitter.com/EWteEC9KWu
— الرادع التركي 🇹🇷 (@RD_turk) December 29, 2021
من هو أوزداغ؟
في الثالث من مارس/ آذار 1961، ولد اوزداغ في العاصمة اليابانية طوكيو، حيث كان يعمل والده، الذي كان من مؤسسي حزب “الحركة القومية”.
تُفيد السيرة الذاتية التي تحدث عنها موقع “خبر ترك“، أن أوميت أوزداغ أكمل تعليمه العالي في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ بين 1980-1986، ودرس العلوم السياسية والاقتصاد فيها.
أعد أوزداغ دراسة الماجستير عن “التخطيط التنموي وتنظيم الدولة في تركيا”، وعمل كباحث في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة غازي في عام 1986.
حصل على لقب أستاذ مساعد في النظرية السياسية عام 1993، مع أطروحته حول “العلاقات بين الجيش والسياسة في فترة مندريس، وحركة 27 مايو العسكرية”.
ألقى محاضرات في جامعات عدة على مدار سنوات حياته الأكاديمية، وأسس مركز الدراسات الاستراتيجية الأوراسية عام 1999، ومركز الدراسات الدينية عام 2003 ، ومعهد تركيا للقرن الحادي والعشرين عام 2006.
ساهم في السياسة الخارجية التركية بدراساته ومنشوراته في هذه المراكز، كما شغل رئيس مجلس إدارة معهد “القرن الحادي والعشرين” في تركيا.
أجرى أوزداغ أبحاثًا حول العولمة والمشاكل العرقية في أوراسيا في جامعة توسون في بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1997-1998 ، وألقى محاضرات حول نفس الموضوعات، كما ساهم عام 1999، في إنشاء مركز البحوث الاستراتيجية الأوراسي (ASAM).
شارك في مؤتمرات بجامعات ومراكز بحث مختلفة في واشنطن، وموسكو، وطوكيو، ونيودلهي، والقاهرة، والإسكندرية، وبروكسل، وطهران، وبيشكيك، وألمانيا، ولندن وتل أبيب.
كان من أعضاء حزب الحركة القومية قبل طرده منها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لينتسب عقب ذلك إلى حزب “الجيد”، واستقال منه في مارس/ آذار 2021، ليؤسس بعد أشهر من ذلك التاريخ، حزبه الذي حمل اسم “الظفر”.
الانتخابات.. السبب والدافع
كثير من الآراء حول أوزداغ، ترى بأن الانتخابات التركية، هي الدافع وراء كل تصريحات وتحركاته في الشارع، وعلى منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، وهي الأساس الذي دفعه للتطرف في معاداته للاجئين، ومعارضته الحادة للسياسات الحكومية في هذا المجال.
إنّ تركيز حزب الظفر ورئيسه أوميت أوزداغ، على انتقاد المعارضة التركية، على صعيد السياسات والخطاب، يهدف لتقليص شرائحهم مقابل تدعيم حوامله الانتخابية خلال الانتخابات القادمة.
واضح أنّ هدفه الأساسي الدخول إلى البرلمان، من خلال تجاوز عقبة الـ ١٠٪ المطلوبة. مع ذلك، هذا صعب للغاية
— Muhammed ElSukkeri (@m_elsukkeri) May 13, 2022
قدرات “شعبوية”
ربما لا يعلم الكثير من السوريين في تركيا، أن أوزداغ لديه خبرة واسعة فيما يتعلق بالحرب النفسية والتأثير على الرأي العام، وعمل طويلاً في هذا المجال، وفق ما يؤكده سعيد الحاج، الباحث والمختص بالشأن التركي.
ونوه الجاج في مقال له حمل عنوان: “عن ظاهرة أوميت أوزداغ”، إلى أن الأخير نشر في عام 2014 كتاباً بعنوان “إدارة الإدراك: البروباغندا، الحرب النفسية وحرب المعلومات”، وهي”الخبرة النظرية والعملية التي يبدو أنه يستخدمها بشكل واضح في عمله السياسي مؤخراً”، حسب رأيه.
ويضيف في هذا المجال، أنه “من البديهي أن رجلاً بهذه القدرات وبهذا الخطاب الشعبوي بخلفية قومية، قادر على تحريك مشاعر الكثيرين، كغيره من التيارات الشعبوية التي تدغدغ العواطف، ولذلك فإن له رصيداً وصدى على وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص”.
لكن الحاج استدرك بالتأكيد على أن ذلك “لا يعني أن ظاهرة الحزب ورئيسه أوزداغ مرشحة للأفول، بل على العكس، إذ أن الأخير يحاول إدارة المعارك السياسية بنفس الخطاب لتحشيد المزيد من الأنصار، واضعاً نفسه في سياق الدفاع عن القومية واللغة والثقافة التركية، وحماية البلاد من الأجانب واللاجئين في ظل تقاعس الحكومة”.
وختم الباحث رأيه، بتوقع أن يزداد هذا النوع من الخطاب مع اقتراب الانتخابات، و”ربما يجعل من حزب بهذه الرؤية والخطاب رقماً في الحياة السياسية التركية حتى حين”.
في الإطار ذاته، لعل أكبر ما يدلل على قدرات أوزداغ في المجال الإعلامي والدعائي – بغض النظر عن طابعها الشعبوي – ما خرجت إليه الأرقام الأخيرة وفق تحليل بلومبرج لبيانات تويتر، والتي بينت أن تغريداته حصلت على 26640 إعجاباً في المتوسط منذ بداية شهر مايو/ أيار 2022، متجاوزاً للمرة الأولى، الرئيس التركي، رجب طيب أرودغان، الذي حصد (18627) إعجاباً.
استفادة من “الفراغ”
المحلل السياسي التركي، أوفوك اوراس، يرى بأن أوزداغ استفاد من الفراغ الذي أوجده حزب العدالة والتنمية في ملف اللاجئين السوريين، و”سياستها التي غلب عليها عدم الوضوح، في هذا المجال”، وبدأ بمهاجمة الحكومة واللاجئين.
ويؤكد في حديث لـ”السورية نت”، بأن أوزداغ من خلال هجومه هذا “يحاول كسب أصوات مؤيديين من اليمين القوميين، ومن اليسار العلمانيين” على حد سواء.
ونوه إلى أن طروحات أوزداغ المتعلقة باللاجئين غير قابلة للتنفيذ، لأنه يخالف “الالتزامات التركية” السياسية والحقوقية، مذكراً بفكرة الاستبيان او الاستفتاء التي طرحها في وقت سابق دون قدرته على تنفيذها.
وختم بالقول، إن ما يفعله اوزداغ هو من باب إيجاد “هالة سياسية يحاول الحصول عليها من خلال هالة إعلامية”، كانت قضية اللاجئين هي المادة الرئيسية لها.