غيّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون من لغة خطابه، التي استفزت العالم الإسلامي مؤخراً، وذلك بعد تصريحاته عن “أزمة الإسلام”، وموقفه الداعم للرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
واختار ماكرون في عرض خطابه الجديد قناة “الجزيرة” التي أجرت معه مقابلة، اليوم السبت، وقال فيها: “أتفهم مشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتورية”.
وأضاف: “الرسوم الكاريكاتورية ليست مشروعاً حكومياً، بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة”.
واعتبر ماكرون في جزء مصور من المقابلة عرضتها “الجزيرة” أن “هناك أناس يحرّفون الإسلام وباسم هذا الدين يدّعون الدفاع عنه”، مشيراً إلى أن “أكثر من 80% من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين”.
وشهدت فرنسا خلال الأيام الماضية، نشر صور ورسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (ص) على واجهات بعض المباني، ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.
وفي 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قال ماكرون إن فرنسا لن تتخلى عن “الرسوم الكاريكاتورية”، ما ضاعف موجة الغضب في الدول الإسلامية، وأُطلقت في بعض الدول حملات مقاطعة للمنتجات والبضائع الفرنسية.
وكان الرئيس الفرنسي قد مهد إلى ما سبق بقوله إن “الإسلام يعيش اليوم أزمة” في كل مكان بالعالم، وإن على فرنسا التصدي لما وصفها بالانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية.
وأعلن ماكرون في خطاب له غرب باريس، مطلع تشرين الأول الحالي، عن سياساته ضد ما سمّاه “التشدد الإسلامي الذي يتخذ العنف منهجا له”.
وطرح الرئيس الفرنسي مشروع قانون ضد “الانفصال الشعوري” بهدف “مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية”، وهو ما يعتبر استهدافاً للجالية المسلمة على وجه الخصوص.
#مقاطعه_المنتجات_الفرنسيه4
هذه القضية؛ قضية مبدأ، فأين لم تكن صاحب مبدأ؛ فالقضية غنية عنك.
والناس بمبادئهم يحييون قضاياهم وينتصرون، ولو ذهبت لأبعد الطرق، وبتنازلاتهم يهلكون وتذهب ريحهم.
وتذكر:
"هناك أناس يموتون من أجل إيمانهم بمبادئهم، وهناك أناس تموت مبادئهم على عتبات المنفعة".— سائح (@sai7_s7) October 31, 2020
الشرارة من “شارلي إيبدو”
تصريحات ماكرون الأخيرة وضعته في مواجهة رأي عام غاضب في دول العالم الإسلامي، وكانت امتداداً لأزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد، التي كانت مجلة شارلي إيبدو الفرنسية للرسوم الكاريكاتورية، قد أعادت نشرها مؤخراً، وكان الرئيس الفرنسي قد قال في تصريحاته: “لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض”.
وجاءت تصريحات ماكرون، خلال حفل تأبين المعلم (صامويل باتي)، الذي قُطِع رأسه في أحد شوارع العاصمة الفرنسية، بسبب عرض هذه الرسوم الكاريكاتورية على طلابه الذين كان بينهم مسلمون، في أثناء درس تناول حرية التعبير.
وقد أشعلت تصريحات ماكرون، التي أدلى بها الأربعاء 21 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، ردود فعل غاضبة، على مستوى حكومات وشعوب عدة دول إسلامية، وسط حملة واسعة لمقاطعة السلع الفرنسية، على وسائل التواصل الإجتماعي.
وكخطوة لامتصاص غضب الرأي العام للعالم الإسلامي دعت فرنسا حكومات الدول المعنية، إلى “وقف” الدعوات لمقاطعة السلع الفرنسية والتظاهر، معتبرةً أنها تصدر من “أقلية راديكالية”.
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن “الدعوات إلى المقاطعة عبثية ويجب أن تتوقف فوراً”.
من جانبه بدا الرئيس الفرنسي متحدياً، في تغريدة له نشرها بالعربية على صفحته بموقع تويتر حيث قال: “ما من شيء يجعلنا نتراجع، أبداً. نتعلق بالحرية، ونضمن المساواة، ونعيش الإخاء بزخم. تاريخنا تاريخ النضال ضد كل أشكال الطغيان والتعصب. وسنستمر”.
وأضاف “نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام. لا نقبل خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلاني. وسنستمر. سنقف دوماً إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية”.
لا شيئ يجعلنا نتراجع، أبداً.
نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام. لا نقبل أبداً خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلاني. سنقف دوماً إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية.— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) October 25, 2020