أفردت وسائل الإعلام وكبرى الصحف العالمية، تغطيات واسعة، خلال اليومين الماضيين، عن قصة رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام، بشار الأسد، والذي تحوّل إلى حديث الساعة، بعد التسجيل المصور الأخير الذي نشره، ظهر الأحد، وجاء بعد يومين من تسجيل مماثل، نفى خلاله تهم الفساد المتعلقة به، وألمح فيه إلى حالة “شقاق” مع أقطابٍ بنظام الأسد.
وبحسب ما رصد فريق “السورية.نت” اليوم الاثنين، أجمعت كبرى الصحف العالمية في التقارير والتغطيات التي أفردتها، في الساعات الماضية، على أن مخلوف أدخل سورية في مرحلة جديدة، بعد سنوات من “الحرب”، واصفةً إياه بـ”الشخص المنهار”، الذي يحاول نزع فتيل “نزاع نادر” مع عائلة الأسد.
ومخلوف هو ابن خال بشار الأسد، ويعتبر جزءاً من الدائرة المقربة للأخير، ولديه امبراطورية اقتصادية ضخمة، أبرزها الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط.
ويقول مسؤولون غربيون، إن مخلوف لعب دوراً كبيراً في تمويل الأسد خلال “الحرب”، وهو أمر أكده في التسجيل المصور الأخير، قائلاً فيه: “هل أحد يتوقع أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف.. اللي هي أكبر داعم للأجهزة الأمنية، وأكتر راعي لهم أثناء الحرب؟”.
أيادٍ روسية
البداية من الصحافة البريطانية، إذ نشرت “الغارديان” تقريراً مطولاً عن رامي مخلوف، والتطورات المتعلقة به، وعنونته بـ”أغنى رجل في سورية يشعل نزاعاً عاماً نادراً مع الأسد“.
قالت “الغارديان” في تقريرها إن مخلوف “رفع غطاء انشقاقه مع الأسد في التسجيل المصور الثاني، وأظهر أعمال الحرم الداخلي للعائلة الحاكمة”.
وأضافت أن ما خرج به “الملياردير السوري” يأتي في الوقت الذي يتعرّض فيه الأسد لانتقادات نادرة من الجانب الروسي، والذي يبحث عن عوائد لتعويض ما دفعه، في السنوات الماضية خلال العمليات العسكرية بسورية.
وفي تقريرها ركّزت “الغارديان” على الدور الروسي في ما تشهده العلاقة بين مخلوف والأسد، في الوقت الحالي، معتبرةً أن “موسكو قررت البحث عن سبل للاستفادة من جهودها لإنقاذ نظام الأسد”.
ووصفت الصحيفة ما شهدته الأيام الماضية من هجوم إعلامي روسي على نظام الأسد بـ”الانتقاد المدبر”، في خطوة للإمساك بالمفاصل الاقتصادية لسورية، والتي بدأت أولى تبعاتها بالسيطرة على أملاك رامي مخلوف.
“انقسام الأسرة الحاكمة”
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تناولت السجال الإعلامي الذي أثاره رامي مخلوف، ونشرت تقريراً، يوم 3مايو/أيار الحالي، عنونته بـ”مقطع فيديو غير مسبوق يشير إلى انقسام الأسرة الحاكمة في سورية”.
وصفت “واشنطن بوست” مخلوف بأنه “محرك أموال عائلة الأسد”، وأشارت في تقريرها إلى عدة نقاط، أبرزها بأن الظهور المتكرر لمخلوف يأتي بعد أشهر من تقارير غير مؤكدة، بوضعه تحت الإقامة الجبرية.
وقالت الصحيفة إن مخلوف، وهو معول أموال عائلة الأسد، فقد أية قدرة على التواصل الشخصي مع ابن خاله (بشار الأسد)، الأمر الذي دفعه، بمساعدة ما، إلى الظهور عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
الصحيفة اعتبرت أن ظهور مخلوف مثالُ أوضح شكل الصراع داخل العائلة، منذ تسلم الأسد الابن السلطة في مطلع هذه الألفية، مشيرةً إلى أن ما يجري في الوقت الحالي هو استكمال لمحاولة الأسد الاستيلاء على أموال عدد من رجال الأعمال.
“ربما استلهم الأسد التجربة السعودية”، تضيف “واشنطن بوست”، وتشير إلى أن مايجري “غير معلوم كيف بدأ بخصوص الضغط على مخلوف، ولكنه يشير لسلسلة أحداث، منها قرار للمرة الثانية بالحجز على أصول شركات الاتصال، والكشف عن كميات من المخدرات في إحدى شحنات شركة الحليب التابعة لمخلوف على الحدود المصرية -الليبية”.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي سوري كان يعمل في السفارة السورية في واشنطن، قوله: “انتزاع مخلوف سيكون صعباً (…) لقد ولد من داخل هذا النظام، منذ تسلم بشار دفة القيادة”.
“المواجهة لن تنتهي بالخير”
بالانتقال إلى ما تناولته الصحف الروسية عن مخلوف، نشرت صحيفة “سفابودنايا براسا” الروسية تقريراً، 3 من مايو/أيار الحالي، عنونته بـ”تفكك عشيرة دمشق الأكثر نفوذاً لن يكون له نهاية سعيدة”.
تحدثت الصحيفة في التقرير، الذي ترجمه فريق “السورية.نت” عن بشار الأسد، و”الذي يعتبر في وضع صعب”.
وقال التقرير إن “الأسد لا يملك المال الكافي لاستعادة الجزء الذي سيطر عليها من البلد”، مشيراً إلى أن “الأسد يحتاج في المرحلة الأخيرة، إما الحرب مع الأكراد الذين احتلوا جميع حقول النفط تقريباً أو دبلوماسية خفية”.
وفيما يخص مخلوف، أضافت الصحيفة في تقريرها أن رامي مخلوف بدأ يفقد نفوذه، اليوم، و”كل ذلك بسبب تجرؤه على مواجهة بشار الأسد وزوجته”.
وركّزت الصحيفة في تقريرها على “الحياة الفارهة التي يعيش بها مخلوف وأبناءه”، بينما “يموت باقي الشعب في دمشق وغيرها من المدن من الجوع”، معتبرةً أن “هذا يؤثر سلباً على صورة كل من بشار الأسد والسلطات الشرعية بشكل عام”.
والنقطة الأساسية التي أشارت إليها الصحيفة في تقريرها هي أن مخلوف “تحت الإقامة الجبرية وليس لديه سوى خيارات قليلة (…) هناك الإنترنت والفيسبوك أمامه فقط”.
الواجهة الاقتصادية لعائلة الأسد
وينحدر مخلوف من جبلة وهو من مواليد عام 1969، وهو الابن الأكبر (لشقيق أنيسة والدة بشار) محمد مخلوف، الذي كان يدير المصرف العقاري أيام الرئيس الأسبق، حافظ الأسد، بعد أن كان موظفاً بسيطاً قبل ذلك في “المؤسسة العامة للتبغ” التي تملكها الدولة في سورية.
ويدير مخلوف أكبر شركة للهواتف المحمولة في سورية، وهي “سيرياتل”، كما يملك العديد من شركات البناء والنفط، منها “إيما تيل”، “راماك”، “شركة شام القابضة”، وغيرها.
وفي أواخر 2019، كشفت منظمة “غلوبال ويتنس” لمكافحة الفساد أن عائلة مخلوف تتحكم في 60 ٪ من الاقتصاد السوري.
وإلى جانب ما سبق، يملك رامي مخلوف عقارات في العاصمة الروسية موسكو تقدر بـ 40 مليون دولار، وفق منظمة “غلوبال ويتنس”.
وتستهدف عقوبات أمريكية، مخلوف منذ عام 2008، على خلفية ما تصفه واشنطن بالفساد العام، وتشدد منذ ذلك الحين الإجراءات ضد كبار رجال الأعمال المقربين منه.
كما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مخلوف منذ بدء الثورة السورية في 2011، متهماً إياه بتمويل الأسد.