مشاريع الحماية بريف حلب..مساحة “أمان” لتطوير المهارات ومواجهة التحديات
ضاعفت مؤسسات مجتمع مدني في شمال غربي سورية، خلال السنوات الأخيرة، تركيزها على المشاريع الخاصة بالنساء والفتيات، باعتبارهن من الفئات الأضعف في المجتمع، خاصة بعد سنوات الحرب والتهجير التي حملت معها متغيرات عدة في المنظومة الحياتية لكثير من النساء، وسادت فيها مخاوف من ارتفاع وتيرة الاضطهاد بحقهن.
ورغم جدلية هذه المشاريع وقدرتها على إحداث تغييرات جذرية، تُعتبر بالنسبة للمستفيدات بمثابة “مساحة أمان”، للخروج من عباءة التنميط المجتمعي والتعبير عن النفس “دون خوف”، وتطوير المهارات المهنية والقيادية بمواجهة تحديات أعاقت تقدمهن منذ سنوات.
وتعتبر منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية”(أحد برامج المنتدى السوري) من أبرز المؤسسات الفاعلة في هذا المجال، حيث تنفذ حالياً 9 مشاريع حماية خاصة بالنساء في ريف حلب الشمالي، ضمن مجالات وتخصصات مختلفة، تحت اسم “المساحات الآمنة للنساء والفتيات”.
لماذا هذه المشاريع؟
منسقة قسم الحماية في منظمة “إحسان”، مجد صوان، ترى أن مشاريع الحماية الخاصة بالنساء هي حيز تشعر فيه المرأة والفتاة بالأمان الجسدي والنفسي، مشيرة إلى أنها سُميت بـ “المساحة الأمنة” لأنها في السياق السوري تشير إلى الابتعاد عن الصدمات النفسية والضغط والعنف وسوء المعاملة، حيث تتمتع النساء في هذه المساحة بالراحة وحرية التعبير عن أنفسهن دون خوف من التحيز ضدهن أو تعرضهن للأذى.
وأضافت صوان في حديثها لـ”السورية.نت”، أن الهدف الأساسي من هذه المشاريع، توفير مساحة للمرأة أو الفتاة، تستطيع فيها إعادة بناء الشبكات الاجتماعية، والحصول على الدعم واكتساب المهارات، بالإضافة إلى الوصول لخدمات الاستجابة لحالات العنف القائم على النوع الاجتماعي.
واعتبرت صوان أن السياق السوري، خاصة في حالات الطوارئ والحروب والنزاعات، قيّد فرصة الحركة لدى الكثيرات وأصبحن أكثر عزلة بسبب الخوف من الظروف التي يمكن أن تعترضهن، من خطف أو اعتداء جنسي أو تحرش أو عنف.
وبالتالي، تم العمل على إنشاء هذه المساحات “للحد من المخاطر، ومنع المزيد من الضرر، وتوفير الفرصة لديهن للتواصل وتبادل المعلومات وإعادة بناء شبكات الدعم والمجتمع”.
وخلال تنفيذ مشاريع الحماية تلك، تتم مراعاة جميع المبادئ التوجيهية لتأسيس هذه المساحات، عبر إعطاء القيادة للنساء والفتيات وتمكينهن في أي قرار يتم اتخاذه ضمن هذه المساحات، وإعطاء المجال لهن باختيار الأنشطة وأوقات الدوام وأيام العمل.
وبحسب منسقة الحماية في “إحسان”، فإن الأنشطة والمناهج ملائمة اجتماعياً وعمرياً لكافة الفئات، وآمنة وسهلة الوصول من خلال توفير المواصلات لجميع المستفيدات، واختيار الموقع المناسب لهن، متحدثةً عن تجهيزات خاصة بالسيدات الكبيرات بالسن، أو اللواتي تعانين من إعاقة.
مناطق تغطية واسعة
تنفذ منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” حالياً 9 مشاريع حماية خاصة بالنساء والفتيات والأطفال، متوزعة على مناطق ومخيمات عدة في ريف حلب الشمالي، من بينها اعزاز، صوران، جنديرس، جرابلس، قباسين، أرمناز، كفرتخاريم، اخترين وغيرها.
كما تغطي مخيمات عدة، من بينها مخيم الشهداء، الرسالة، الرسالة العشوائي، العنداني، العرموطة، أهل الشام، الحرمين، التوحيد، تلجبين، إيواء شمارين، وهي مخيمات نائية لم يتم تغطيتها سابقاً بخدمات وأنشطة الحماية من قبل أي جهة.
ويبلغ عدد المستفيدين من هذه المشاريع أكثر من 17 ألف، معظمهن من النساء والفتيات، وبينهم أطفال أيضاً.
Displaced Syrian women and girls should not have to live in fear. In addition to creating 16 safe spaces, we opened 4 case management centers in 2021 to support women through gender-based violence cases.
Donate Today: https://t.co/XuPLc7kuvh pic.twitter.com/vyVTzzYD6y
— Syrian Forum USA (@SyrianForumUSA) June 24, 2022
أنشطة عدة لـ”مساحة آمنة”
وحول الأنشطة التي يتم تنفيذها، تشير منسقة قسم الحماية في منظمة “إحسان”، مجد صوان، إلى وجود أنشطة داخلية وأخرى خارجية، حيث يتم اعتمادها بالتشاور مع النساء والفتيات بما يتناسب مع احتياجاتهن ويلائم العمر والسياق.
ومن بين تلك الأنشطة، أنشطة إدارة الحالة، وتستهدف النساء واليافعات المعرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتهدف إلى تقديم الدعم النفسي الاجتماعي المركّز لهن، وتمكينهن لاكتساب مهارات تخفف من هذا العنف.
وضمن هذا النشاط، يتم تقديم الدعم العيني والدعم النقدي، وتنفيذ مشاريع توليد الدخل لتحسين الجانبين النفسي والمادي بالنسبة للناجيات، وخاصة المعيلات لأسرهن.
وكذلك توجد أنشطة الدعم الاجتماعي، ويتم خلالها تقديم دورات تدريبية في المهارات الوالدية والمهارات الحياتية للنساء والمهارات الحياتية لليافعات، بهدف تحسين الوضع النفسي في ظل الظروف التي يعيشنها، واكتساب مهارات تساعد في التخطيط لحياتهن بشكل أفضل وتعطيهن القدرة على اتخاذ القرارات ومواجهة المشكلات.
أما أنشطة الروبوت، فهي عبارة عن سلسلة متواصلة من المعلومات والتركيب والبرمجة، يتم من خلالها إيصال رسائل دعم نفسي اجتماعي، لتعزيز وتنمية القدرات الفكرية ومهارات الاكتشاف لدى اليافعات، وجذبهن بطرق جديدة.
وهناك أيضاً أنشطة رفع الوعي، والتي تستهدف كافة فئات المجتمع (نساء- يافعات- رجال- يافعين) داخل المساحة وخارجها، وتهدف لرفع الوعي حول قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي والأسباب الجذرية له وسبل الحد منه.
أما أنشطة التدريبات المهنية والتعليمية، تهدف إلى تمكين المستفيدات ليصبحن قادرات على إعالة أنفسهن وأسرهن، ومن التدريبات التي تندرج ضمن هذه المساحة (اللغة التركية – اللغة الإنكليزية – محو الأمية – إعادة التدوير والأشغال اليدوية – تصفيف الشعر – الخياطة – صناعة الحلويات وغيرها).
وتم تخصيص أنشطة ترفيهية أيضاً، تشمل الاحتفال بالأيام العالمية، وتنظيم الندوات وكسر جليد بين الجلسات، لجذب المستفيدات ودمجهن أكثر بالأنشطة وإعطائهن حرية الاختيار.
كما يوجد ضمن هذه المشاريع “نادي أمهات صغيرات”، يستهدف اليافعات عبر رفع الوعي فيما يتعلق بالصحة الجنسية الإنجابية، خاصة اللواتي تزوجن بسن مبكر، أو على وشك الزواج.
يُشار إلى أن جميع الأنشطة السابقة يرافقها أنشطة مراقبة وتقييم، بهدف تحديد الثغرات وإيجاد حلول للمشاكل وقياس الأثر وضمان جودة الأنشطة.