موجة حر في مخيمات الشمال.. مخاوف من حرائق وأوبئة ونقص المياه
تزامناً مع موجة الحر التي تشهدها عموم مناطق الشمال السوري، تعلو التحذيرات من آثارٍ كارثية، وقعها أكبر على سكان المخميات تحديداً، الذين يعيشون ظروفاً استثنائية في خيام قماشية ممزقة دون توفر أدنى مقومات الحياة من مياه وعوازل حرارية وغيرها.
تلك المشكلة المستجدة في كل عام، فاقم من آثارها موجة الحر غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة، فضلاً عن شح المياه لأسباب عدة أبرزها جفاف الآبار وانخفاض الهطولات المطرية في الشتاء الماضي، إلى جانب انقطاع الدعم المخصص للمياه عن بعض مخيمات الشمال.
آثار “كارثية”.. ومشكلة المياه “الدخيلة”
محمد حلاج، مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، أوضح في حديثه لموقع “السورية نت”، أن المخاوف المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة تكمن في انتشار الحرائق داخل المخيمات العشوائية، المكونة من أقمشة النايلون والعوازل البلاستيكية، والتي تساعد على نشوب الحرائق وامتدادها.
وأضاف أن الحرائق قد تنجم عن عوامل بشرية مثل استخدام مواقد الطهي، أو طبيعية مثل انفجار اسطوانات الغاز والبطاريات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
وتحدث مدير “منسقو الاستجابة”، العامل في الشمال السوري، عن انتشار الأوبئة بسبب موجة الحر وجفاف المستنقعات وانتشار القمامة في المخيمات التي لا يوجد فيها صرف صحي نظامي، مشيراً لوجود حالات لشمانيا بين أطفال المخيمات، مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وعوامل صحية أخرى.
واعتبر حلاج أن الجديد في موجة الحر هذا العام هو شح المياه قياساً بالسنوات السابقة، مرجعاً الأمر لعوامل عدة، أبرزها جفاف الآبار في المناطق المحيطة، إلى جانب انقطاع دعم المياه عن 340 مخيماً في الشمال السوري، منذ 25 مايو/ أيار الماضي.
وأضاف أن هذه المشكلة “الدخيلة” أدت إلى زيادة الأعباء على سكان المخيمات وعلى المنظمات الإنسانية، خاصة في حال حدوث حرائق، إذ بات على سكان المخيمات انتظار فرق الإنقاذ لإطفاء الحريق.
وتابع: “نقل المياه إلى المخيمات يحتاج وقتاً طويلاً، بسبب بُعد المسافة وتموضع المخيمات في أماكن عشوائية”.
من جانبه، تحدث فراس خليفة، المسؤول الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني السوري”، عن تعرض أطفال المخيمات لضربات شمس وحروق وتقرحات، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتعرضهم المباشر لأشعة الشمس، نتيجة وجود خيام ممزقة.
وقال خليفة لموقع “السورية نت”: “لاحظنا في الفترة الأخيرة وجود حالات إرهاق وتعب لدى الأهالي في المخيمات، خاصة أن الخيم مصنوعة من نايلون ما يؤدي لاحتباس الحرارة داخلها”.
حلول إجرائية خجولة
اعتبر مدير “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، أنه لا يوجد حتى اليوم إجراءات فعّالة لحل مشكلات مخيمات الشمال، خاصة العشوائية منها، مشيراً إلى أن المنظمات تعمل على مشاريع البناء الإسمنتي، وهو الحل الأمثل، إلا أن المشاريع لم تغطِ إلا قرابة من 7 إلى 10% من إجمالي سكان المخيمات.
أما المسؤول الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني”، فراس خليفة، تحدث عن حلول إجرائية تتمثل بحملات التوعية المخصصة لسكان المخيمات من أجل تفادي الكوارث المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة.
وأضاف: “ننظم حملات توعية تشمل توزيع ملصقات وبروشورات حول ضرورة تهوية الخيام بشكل جيد وإبقائها مفتوحة تجنباً لاحتباس الحرارة داخلها، كما نحذر من التعرض المباشر لأشعة الشمس خاصة في أوقات الذروة”.
وبحسب خليفة توجد حالياً مشاريع لفتح الطرقات المؤدية للمخيمات وتسويتها من أجل تسهيل وصول صهاريج المياه إليها، متحدثاً عن صعوبات متعلقة ببُعد تلك المخيمات وتمركزها بشكل عشوائي”.
وكانت منظمة “الدفاع المدني” تحدثت في تقرير لها، الأسبوع الماضي، عن حياة صعبة داخل مخيمات النازحين شمال غربي سورية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر الكهرباء وندرة المياه وارتفاع ثمنها، مشيرة إلى أن أكثر من 400 ألف طفل يعيشون في هذه المخيمات.
فيما أحصى “منسقو الاستجابة” حدوث أكثر من 93 حريقاً ضمن المخيمات، منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي، كان آخرها في مخيم تلمنس في ريف إدلب الشمالي.
إرشادات تقي من الحرارة المرتفعة
خصصت المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري برامج توعوية عدة للحماية من أشعة الشمس الحارة، وارتفاع درجات الحرارة، تتلخص بما يلي:
– شرب الماء البارد والإكثار من السوائل بشكل عام
– عدم التعرض المباشر لأشعة الشمس وارتداء غطاء رأس
– تأجيل الأنشطة في ساعات الذروة خاصة بالنسبة للأطفال وكبار السن
– ارتداء الملابس القطنية قدر الإمكان
– إبعاد المواد القابلة للاشتعال إلى خارج الخيام خاصة اسطوانات الغاز
– حفظ الأطعمة في مكان مناسب منعاً لفسادها بسبب الحر
وتتضمن أبرز تأثيرات ارتفاع الحرارة والتعرض للشمس على الجسد، بما يلي:
– أمراض جلدية خاصة الطفح الجلدي
– التعرض لضربة شمس وما يرافقها من صداع وفقدان الوعي
– الإصابة بالإسهال والإقياء
– نوبات قلبية في حال التعرض للحرارة الشديدة لفترة طويلة
ويعيش في الشمال السوري أكثر من 4.2 مليون نسمة، 48% منهم نازحون، فيما يعيش 26%من النازحين (ما يقارب مليون) داخل 1200 مخيم، موزعين في عموم الشمال السوري في إدلب وأرياف حلب.
وبحسب إحصائيات “الدفاع المدني” يوجد في الشمال السوري أكثر من 390 مخيماً عشوائياً، يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة معرضين لكوارث الصيف والشتاء.