فاز المرشح المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في إيران، بحصوله على 62 % من أصوات المقترعين، وفق نتائج أولية رسمية أعلن عنها في الساعات الماضية.
وقال رئيس لجنة الانتخابات، جمال عرف خلال في مؤتمر صحفي، اليوم السبت أن رئيسي (60 عاماً) حصل على “أكثر من 17.8 مليون” صوت من أصل 28.6 مليوناً من أصوات المقترعين.
ويسير رئيسي رجل الدين المحافظ والمتشدد منذ أعوام في مسار الدفاع عن الطبقات المهمشة ومكافحة الفساد، لكنه وفي ذات الوقت متهم بالتورط في إعدامات ليساريين، وهو الأمر الذي جعل اسمه ضمن قوائم العقوبات الأمريكية.
وتتجه الأنظار حالياً إلى السياسة التي سيسلكها رئيسي، في المرحلة المقبلة، والتي لا تختلف كثيراً من حيث الجوهر عن أسلافه، بحسب مراقبين، بسبب انحصار مركزية القرار بشكل غير مباشر بيد المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي.
وهناك عدة ملفات إقليمية ودولية تنتظر رئيسي، في مقدمتها “الاتفاق النووي” الإيراني والذي وصل إلى مراحل متقدمة، بحسب ما رشح مؤخراً من محادثات فيينا.
وإلى جانب ذلك هناك ملفات تتعلق بالإقليم، منها ما يرتبط بسورية والعراق، وأخرى حول طبيعة العلاقة التي ستكون عليها طهران في الأيام المقبلة مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية.
وينظر إلى رئيسي بأنه الوحيد القادر على أن يجمع حول شخصه تأييد مختلف المعسكرات السياسية للمحافظين والمحافظين المتشددين “الأصوليين”.
وفي 2016، أوكل إليه المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، مهمة سادن العتبة الرضوية المقدسة في مدينة مشهد، وعيّنه بعد ثلاثة أعوام على رأس السلطة القضائية، أحد الأركان الأساسية للنظام السياسي. وهي خطوات دفعت لوصفه بـ”تلميذ المرشد الأعلى”.
كيف يرى سورية؟
من الصورة العامة للرئيس الإيراني الجديد والملفات التي تنتظره إلى صورة خاصة ترتبط فقط بالملف السوري، والذي يعتبر من أبرز الملفات التي تدخلت بها طهران في السنوات الماضية، سواء على المستوى العسكري أو السياسي.
ويعود التدخل الإيراني في الملف السوري إلى مطلع أحداث الثورة السورية. وحينها أدخلت عدة ميليشيات لدعم نظام الأسد ضد المدنيين الذين نادوا بإسقاطه في تلك الفترة، ولإنقاذه أيضاً من الزحف السريع والكبير للفصائل العسكرية المعارضة التي تشكلت حينها تحت مسمى “الجيش السوري الحر”.
وقليلة هي التصريحات التي أطلقها رئيسي بشأن سورية في السنوات الماضية، لكنه وفي المقابل كان قد أجرى عدة زيارات لها، تركزت بمجملها على ضريح السيدة زينب، والذي تجعل طهران من الدفاع عنه مبرراً لتدخلها الأول في البلاد.
وبحسب ما رصد موقع “السورية.نت” أطلق رئيسي في عام 2013 تصريحات لافتة بشأن سورية، واعتبرت بمثابة الدعم الواضح واللامحدود لأي تدخل عسكري إلى جانب نظام الأسد.
وقال في تصريحات نقلتها وكالة “تسنيم” الإيرانية: “يجب ضرورة التفكير في الدفاع الشامل عن سورية. إن سورية هي نقطة الهجوم والدفاع عن إيران”.
وأضاف: “العدوان الشامل يتطلب دفاعاً شاملاً. إذا أردنا تحديد مجال الدفاع الشامل، فلا بد من تحديد جميع مجالات الحياة الاجتماعية والفردية للأفراد، لذلك يجب النظر في مجال الدفاع في جميع المجالات، لأن قضية الدفاع الشامل مفهوم شامل”.
وتابع رئيسي الذي كان يشغل حينها منصب النائب الأول للقضاء: “الدفاع الشامل يشمل كافة الأبعاد العسكرية والسياسية والاقتصادية والغربية التي يجب توقعها والتعامل معها لكافة التهديدات في مختلف المجالات”.
🎥تولیت آستان قدس رضوی به #سوریه سفر کرد/حجتالاسلام سید ابراهیم #رئیسی شامگاه پنجشنبه به زیارت حرم حضرت زینب(س) مشرف شدhttps://t.co/fWZm606v2N pic.twitter.com/vG3Kv3MAmm
— خبرگزاری تسنیم 🇮🇷 (@Tasnimnews_Fa) January 26, 2018
“هي حدودنا وهويتنا”
وفي سياق حديثه السابق اعتبر رئيسي في 2013، أي في الأيام الأولى للتدخل العسكري في سورية أن الأخيرة “هي حدودنا وهويتنا ونقطة هجوم. لنا”.
وأضاف: “لا ننوي التدخل في دولة أخرى، ونعتقد أنه أينما كانت هوية الثورة الإسلامية فإن حدودنا هي التي يجب أخذها في الاعتبار لدفاعها الشامل في المناقشات العلمية والعملية”.
وهناك تصريحات أخرى لرئيسي في أوائل عام 2019، في أثناء استقباله لسفير نظام الأسد في إيران، عدنان محمود.
وأكد رئيسي في تلك الفترة “استمرار إيران بدعم سورية في حربها ضد الإرهاب حتى دحره من كامل الأراضي السورية والحفاظ على سيادة سورية وتعزيز جبهة المقاومة في المنطقة”.
وتدعم إيران نظام الأسد سياسياً وعسكرياً، خلال السنوات الماضية، وشاركت عبر ميليشياتها في حملاته العسكرية التي أفضت للسيطرة على مساحات واسعة من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة.
كما تعتبر طهران من الدول الضامنة في محادثات أستانة بين نظام الأسد وفصائل المعارضة، إلى جانب تركيا وروسيا.
ودعمت طهران نظام الأسد اقتصادياً، عبر تقديم الدعم المادي والمحروقات، إلى جانب إنفاقها على الميليشيات التابعة له، وبحسب “فريق التواصل الإلكتروني” في وزارة الخارجية الأمريكية، في 2018 فإن إيران أنفقت ملايين الدولارات على دعم الميليشيات التابعة لها في دول المنطقة من سورية إلى اليمن.
وأضاف الفريق آنذاك أن إيران أنفقت 16 مليار دولار منذ 2012، لدعم نظام الأسد والميليشيات الموالية له في المنطقة.