على بعد 13 كيلومتراً من العاصمة دمشق، قرب بلدة نجها، دفنت جثث آلاف السوريين، خلال السنوات الماضية، حيث قتلوا تحت التعذيب في أفرع الأسد الأمنية منذ اندلاع الثورة السورية في مثل هذه الأيام سنة 2011.
وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بالتعاون مع “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا”، أمس الأربعاء، أكد شهود عيان، وجود مقبرتين جماعيتين دفن فيهما النظام آلاف الجثث، في نجها والقطيفة بريف دمشق.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع أربعة أشخاص عملوا في مقابر جماعية، اثنان منهم في ألمانيا وواحد في لبنان والآخر في سورية.
وتقول الصحيفة، حسب قول الشهود، إن “العمال كانوا يستخدمون الآلات الثقيلة لحفر الحفر والخنادق، بعد حلول الظلام، حيث تصل الجثث، وأحيانًا المئات في المرة الواحدة، في الشاحنات العسكرية أو في شاحنات التبريد المخصصة لنقل الطعام”.
وتحت أنظار ضباط المخابرات في نظام الأسد ومراقبتهم، يتم إلقاء الجثث في مقابر جماعية ودفنها.
ويقول أحد الأشخاص للصحيفة: إنه “في منتصف 2011 جنده ضباط المخابرات للتخلص من الجثث القادمة من مراكز الاحتجاز عبر المستشفيات، واستمر عمله داخل المقبرة لمدة ست سنوات”.
وأضاف أن المقبرة كانت مدنية في بلدة نجها جنوب دمشق، مؤكداً أنه “أشرف في البداية على عدد قليل من العمال الذين دفنوا أعدادا قليلة من الجثث، ولكن مع تصاعد حدة الصراع، ازدادت الأعداد”.
وحسب الشاهد فإن فريقه قام بتفريغ شاحنتين نحو مرتين أسبوعياً، تحمل كل منهما 150 جثة إلى 600 جثة، وأغلب الجثث كانت تأتي من سجن صيدنايا وتبدو عليها علامات إعدام بحبال أو طلقات نارية.
في حين أكد أحد الأشخاص الذي كان يعمل سائق جرافة لمدة سبعة أشهر في المقبرة عام 2012، إن “ضباط المخابرات المشرفين على الدفن أخبروه بحفر حفر مربعة كبيرة” لدفن الجثث فيها.
وليست المرة الأولى التي تُذكر فيها نجها كمقبرة جماعية، إذ كشفت تحقيقات سابقة لمنظمات حقوقية وإنسانية استخدام النظام المنطقة للتخلص من جثث المعتقلين.
وفي سبتمبر/ أيلول 2020، وخلال جلسات محاكمة كوبلنز لأحد الضباط المنشقين عن النظام في ألمانيا، قدم أحد الأشخاص وأطلق عليه لقب “حفار القبور” شهادته حول دفن جثث المعتقلين في مقبرة نجها.
وقال إن مسار الشاحنات التي تحمل الجثث كانت تنطلق من المستشفيات العسكرية، تشرين وحرستا والمزة، إلى مقبرتين جماعيتين في القطيفة شمال دمشق، ونجها جنوب دمشق.
ولم يقتصر الدفن في مقبرة نجها على جثث المعتقلين فقط، وإنما استخدمها نظام الأسد لدفن جثث المتوفين جراء فيروس كورونا.
وحسب وكالة “رويترز” في أكتوبر، تشرين الأول 2020، فإن المقبرة شهدت ازدياد في حالات الدفن يومياً لأشخاص توفوا جراء كورونا، إذ وصل العدد إلى 40 يومياً.