بعد حادثة الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا، وعُرف بـ “كارثة العصر”، أعاد خبراء وجيولوجيون أتراك الحديث عن الزلزال المتوقع في مدينة اسطنبول، والذي بدأ الحديث عنه قبل سنوات، وسط دعوات للتحرك من أجل التخفيف من أضراره قدر المستطاع.
تقارير تركية وصفت الزلزال الحالي بأنه “الأكثر دموية” بتاريخ البلاد، لكنها طرحت في الوقت نفسه تساؤلات عدة حول مدى الاستعداد لزلزال مشابه توقعه خبراء قبل سنوات في مدينة اسطنبول، الواقعة على صدع شرق الأناضول.
ما التحركات الواجبة؟
عالم الجيولوجيا التركي، ناجي غورور، قال في حديثه لصحيفة “حرييت”، الأحد الماضي، إن منطقة بحر مرمرة الذي تُطل عليه مدينة اسطنبول، تُعتبر من أخطر مناطق الزلازل في تركيا، حيث يمر منها الفرع الشمالي لصدع الأناضول.
وأضاف: “نتوقع حدوث زلزال بقوة 7.5 درجات في اسطنبول. قد يكون الضرر أكبر لأن المباني والكثافة السكانية أعلى”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الزلزال الذي حدث جنوبي تركيا لن يؤثر على هذا الزلزال ولن يُسرّع من حدوثه.
وحول الاستعداد لزلزال اسطنبول، قال غورور إنه يجب أن يكون هناك تقسيم دقيق لمدينة اسطنبول، عبر هيكلة إدارة المدينة واستخدام الفضاء، ثم تحليل المخاطر المحتملة والأضرار البشرية والاقتصادية وأضرار البنية التحتية المتوقعة، لمعرفة الإجراءات الواجب اتخاذها.
ودعا إلى عدم تشييد مبانٍ عالية في المناطق الأكثر تأثراً بزلزال اسطنبول، وزيادة المساحات الخضراء في المدينة.
من جانبها، نقلت شبكة “سي ان ان” بالنسخة التركية عن أستاذ الجيولوجيا في جامعة يلدز التقنية، شكرو إرسوي، أن الاستعداد للزلزال يجب أن يكون أهم مشروع في كل من اسطنبول وتركيا، داعياً للبدء بسرعة وحشد جميع الموارد.
وأضاف إرسوي أنه يجب وضع خطة عمل شاملة وتعزيز البنية التحتية، لتكون المؤسسات الحكومية والمستشفيات والقواعد العسكرية وفرق الإطفاء جاهزة للاستجابة بعد وقوع الزلزال.
فيما قال رئيس غرفة المهندسين الجيولوجيين، حسين ألان، لشبكة “الجزيرة”، إنه يجب إجراء تحول حضري كامل في اسطنبول، بدءاً بالمناطق الأكثر تأثراً بالزلزال، والقصد من ذلك هو إعادة تأهيل المناطق غير المناسبة للعيش فيها، من حيث البنية التحتية وطبيعة الأرض.
بيانات تشير لحجم الضرر
يتحدث الخبراء عن أن زلزال اسطنبول، في حال وقوعه، سيؤدي إلى أضرار بشرية واقتصادية كبيرة لاعتبارات عدة أبرزها الكثافة السكانية، إضافة إلى أن اسطنبول تُنتج 30.4% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.
وبحسب العالم الجيولوجي ناجي غورور، فإن الأماكن الأكثر تأثراً بزلزال اسطنبول هي: بكركوي، زيتون بورنو، بويوك شيكميجة، كوتشوك شيكميجة وسيليفري.
وقال غورور لصحيفة “جمهورييت”، أمس الثلاثاء، إن الجانب الأوروبي من اسطنبول سيكون الأكثر تأثراً، وبالتحديد على عمق 10 كيلومترات الموازية لبحر مرمرة.
وأضاف أنه بحسب المعلومات الصادرة عن المؤسسات الحكومية في اسطنبول، يوجد مليون و100 ألف بناء، 59 ألف منها متضررة بشكل كبير، ما يعني أن معظم حالات الوفاة ستكون في هذه المباني.
وتابع: “هذه ليست مزحة، إذا كان هناك زلزال نتوقعه في اسطنبول، مع وجود هذه الأبنية، فإن الخسارة ستكون أكثر من زلازل كهرمان مرعش”، لافتاً أن “ما لا يقل عن 500 ألف شخص يواجهون الموت”.
من جانبه، قال أستاذ الهندسة الجيولوجية في جامعة اسطنبول التقنية، زيادين شاكر، لموقع “ميديا سكوب” التركي، أمس الثلاثاء، إن المناطق التي أقيمت على ضفاف البحر، وخاصة سواحل مرمرة في زيتين بورنو وما يليها، والمنطقة الواقعة بين بيوك شيكمجة وكوتشوك شيكمجة، هي مناطق “إشكالية”.
وأضاف أنه تم بناء 600 ألف فقط من أصل 1.5 مليون مبنى في اسطنبول بعد عام 2000، بالإضافة إلى ذلك، هناك ما يقرب من 50 ألف مبنى متضرر بشدة.
ومع ذلك، اعتبر شاكر أن الاستجابة لأضرار زلزال اسطنبول ستكون أفضل بكثير مقارنة مع زلزال كهرمان مرعش، على اعتبار أن منطقة التأثير ستكون أضيق من حيث المساحة، كما أن إدارة الكوارث والطوارئ في اسطنبول مجهزة من حيث المعدات والمركبات والمخزون بشكل أكبر.