زادت المطالب الغربية بتوسيع العقوبات المفروضة على روسيا، بعد وفاة المعارض الروسي البارز، أليكسي نافالني، في سجنه، وسط اتهامات لموسكو بتدبير حادثة الوفاة.
وكانت روسيا أعلنت، قبل أسبوعين، وفاة أبرز معارضي بوتين، أليكسي نافالني، في سجنه بالقطب الشمالي.
وقالت إنها فتحت تحقيقاً للكشف عن ملابسات حادثة الوفاة، دون أن يتضح أي شيء حتى الآن.
وتقول مصلحة السجون الروسية إن نافالني تعرض لوعكة صحية بعد المشي في سجنه، فقد على إثرها الوعي ثم فارق الحياة.
لكن كبار المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، أثاروا احتمالية أن تكون حادثة الوفاة مدبرة من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأصدرت 8 دول أوروبية، أمس الخميس، بياناً دعت فيه إلى فرض عقوبات على مسؤولي السجون في روسيا والمحاكم وهيئات الادعاء العام، على خلفية وفاة نافالني.
وهذه الدول هي: التشيك واستونيا وفنلندا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا والسويد ورومانيا.
ووجهت تلك الدول رسالة إلى منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تدعو إلى العمل الجماعي والتنسيق لفرض العقوبات على روسيا، وحظيت تلك الرسالة بدعم من هولندا وفرنسا وأيرلندا والدنمارك.
استراليا بعد أمريكا
أعلنت استراليا، اليوم الجمعة، عن فرض عقوبات مالية جديدة وحظر سفر على ثلاثة مسؤولين روس، مرتبطين بإدارة السجن الذي توفي فيه زعيم المعارضة الروسية.
واتهمت استراليا السلطات الروسية باحتجاز نافالني في ظروف جوية “غير مناسبة”، ضمن درجات حرارة تحت الصفر.
وقال وزير الدفاع ونائب رئيس وزراء أستراليا، ريتشارد مارلز، إن بلاده “تحمّل الرئيس بوتين والحكومة الروسية المسؤولية عن معاملة السيد نافالني ووفاته في السجن. وهذه العقوبات، وتلك التي فرضها شركاؤنا، تعزز التزامنا بالمساءلة عن وفاة السيد نافالني”.
ودعا إلى إجراء تحقيق “مستقل وشفاف” بالظروف المحيطة بالوفاة.
وكانت استراليا فرضت، الاثنين الماضي، عقوبات على سبعة مسؤولين روس، قالت إنهم متورطون بـ”سوء معاملة” نافالني خلال سجنه.
وجاء العقوبات الاسترالية حينها، عقب إعلان الولايات المتحدة فرض أكبر حزمة من العقوبات على روسيا، بسبب استمرار حربها على أوكرانيا، وبسبب وفاة المعارض الروسي.
واستهدفت العقوبات، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة الماضية، أكثر من 500 شخصية وكيان روسي مرتبطين بسجن نافالني، إلى جانب القطاع المالي في روسيا والقاعدة الصناعية الدفاعية وشبكات المشتريات.
أصابع اتهام غربية
منذ الإعلان عن وفاة نافالني، أثار مسؤولون غربيون احتمالية أن تكون حادثة الوفاة مدبرة من قبل الرئيس الروسي فلاديمر بوتين.
وحمّل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نظيره الروسي المسؤولية عن الوفاة، قائلاً إنه لم تأخذه المفاجأة لكنه شعر بالغضب، وفق تعبيره.
وأضاف بايدن في تصريحات داخل البيت الأبيض: “لا نعرف بالضبط ماذا حدث، لكن ليس هناك شك في أن وفاة نافالني كانت نتيجة لشيء فعله بوتين وعصاباته”.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيغورني، عبر حسابه في “إكس” إن “مقاومة نافالني لنظام القمع كلفته حياته”.
Alexei Navalny a payé de sa vie sa résistance à un système d’oppression.
Sa mort en colonie pénitentiaire nous rappelle la réalité du régime de Vladimir Poutine.
À sa famille, ses proches et au peuple russe, la France présente ses condoléances.
— Stéphane Séjourné (@steph_sejourne) February 16, 2024
في حين وصف رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، خبر الوفاة بـ “الفظيع”، وكذلك قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، إن الخبر “محزن جداً”.
وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، إن روسيا “المسؤولة الوحيدة” عن وفاة زعيم المعارضة الروسية.
وأيضاً حمّلت النرويج روسيا المسؤولية عن ما حدث مع نافالني.
ويعتبر الغرب أن تاريخ روسيا مع المعارضين “طويل وقذر”، حسب تعبير مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، الذي قال إن “إيذاء المعارضين الروس يثير أسئلة حقيقية وواضحة حول ما حدث”.
واعتبر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في تصريحات صحفية، قبل أيام، أن تصريحات السياسيين الغربيين حول وفاة نافالني “ضرب من الوقاحة”.
مضيفاً أن التحقيق مستمر و“سيتم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة” لمعرفة سبب الوفاة.
من هو أليكسي نافالني؟
يعتبر أليكسي نافالني (47 عاماً) أبرز المعارضين السياسيين للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وكانت قضيته تفاعلت عام 2020، بعد تعرضه لحادثة تسميم بغاز الأعصاب، أثناء وجوده في ألمانيا.
ثم عاد إلى روسيا في يناير/ كانون الثاني 2021، بعد خمسة أشهر من العلاج، لكن السلطات الروسية اعتقلته، وحكمت عليه بالسجن 19 عاماً بتهمة “التطرف”.
وتدعي روسيا أن نافالني متهم “بتبديد المال العام”، بسبب اختلاسه 16 مليون روبل من شركة “كيروف الحكومية للأخشاب”، الأمر الذي ينفيه محامو الدفاع عن نافالني.
وكانت مظاهرات جرت في أكثر من 60 مدينة روسية احتجاجاً على اعتقال المعارض الروسي، أدت إلى حملة اعتقالات شنتها السلطات الروسية شملت حوالي ثلاثة آلاف متظاهر، إلى جانب وقوع إصابات.
وسبق أن شهدت علاقات روسيا مع الغرب توتراً كبيراً بعد اعتقال نافالني عام 2021، وصلت إلى طرد روسيا دبلوماسيين غربيين من أراضيها، بعد التهديد الغربي بفرض عقوبات عليها.
وفي ورقة بحثية نشرها مركز “جنيف للدراسات“، حينها، قال إن قضية أليكسي نافالني من القضايا المعقدة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ويمكن أن يكون لها تبعات خطيرة على العلاقات الأوروبية- الروسية.